بودكاست ولاد بلدنا 1 | مفتي مصر الأسبق على جمعة.. أسرار تحكى لأول مرة | مستقبل وطن نيوز

كل سنة وحضراتكم طيبون وبإذن الله شهر سعيد علينا ورحلتنا في بودكاست "ولاد بلدنا" الذي نتعرف فيه في كل مرة على نموذج مهم من أبناء البلد الطيبة مصر. اليوم نسعد ونتشرف بأن يكون ضيفنا الاستثنائي فضيلة الإمام الدكتور أبو الحسن نور الدين علي جمعة. كل سنة وحضرتك بخير فضيلتنا. أنرت الدنيا كلها وأنتم بالصحة والسلامة، كل عام وأنتم بخير، وربنا يعيد هذه الأيام علينا دائماً بالخير على مصر قيادةً وشعباً، اللهم آمين. مساء الخير، كل سنة وحضرتك بخير طبعاً وأنت بالصحة والسلامة. اليوم فرصة عظيمة بالطبع أن حضرتك موجود معنا، إن شاء الله نستطيع أن نستغل كل دقيقة بشكل يفيدنا ويفيد الناس. أهلاً وسهلاً بحضرتك، طبعاً فضيلتك يعني
صاحب حضور متميز وصاحب آراء متميزة وصاحب ظهور إعلامي أيضاً متميز، وقد أفضيت بعلمك وبمعلوماتك من خلال الكثير والكثير من الحلقات. اليوم نود أن نذهب معاً في رحلة نوعاً ما تكون جديدة، نتعرف أكثر على حضرتك إنسانياً، والبداية سأستأذن حضرتك لتكون من الطفولة، الوالد والوالدة والأخوات. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله. لقد وُلدت في مدينة بني سويف من محافظة بني سويف، أي أنني وُلدت في بني سويف العاصمة لتلك المحافظة. وكانوا يقولون عن هذا المكان إنه من الأرياف، لأن
الريف في ذلك العصر كان يُطلق على ما سوى القاهرة. والإسكندرية، كل من سكن خارج القاهرة والإسكندرية يكون قد سكن الريف، وكانوا يفرقون في هذا الوقت بين الريف والقرية، يعني كان الريف حتى على العواصم: البحيرة، الشرقية، طنطا، هذه كلها تُعَدُّ من الأرياف، وإن كنا لم نعش حياة القرية التي فيها الزراعة المباشرة، أو التي فيها البرنامج اليومي للإنسان كان... يبدأ مع الفجر لزراعة الأرض، هذه كانت في القرى دائماً. كانت القرى مصدراً للخير، يأتي منها السمن والقشطة والزبدة والجبنة. وكان هناك تواصل دائم بين الريف والحضر أو القرية
والحضر، لأننا هكذا الحضر حتى هذا سُمي ريفاً نسبةً إلى أن العاصمة قصة أخرى أو وضع مختلف عن وضع. مختلف، أنا وُلدت في يوم الاثنين أو فجر يوم الاثنين وذلك كان موافقاً السابع من شهر ستة سنة ألف وثلاثمائة وواحد وسبعين من الهجرة. هذا اليوم كان موافقاً الثالث من مارس سنة ألف وتسعمائة واثنين وخمسين. كل سنة وفضيلتك طيب، كل سنة وحضرتك طيب وأنت بالصحة والسلامة، وبذلك يكون عمري بالميلادي. في هذه السنة يكون ثلاثة وسبعين لكن بالهجري يكون خمسة وسبعين. طوال عمرنا ونحن نحسب بالهجري، ودائماً
كان قديماً الحساب بالهجري. والذي أدخل الحساب بالميلادي كان هو الخديوي إسماعيل. وحافظت القيادة على البدء بالهجري، يعني عندما تجد القرارات الصادرة من رئاسة الجمهورية أو من المملكة المصرية منذ عهد الملك فاروق أو جده إسماعيل، ستجد ذكر التاريخ الهجري أولاً. واذكر أنه عندما تأسس البنك الأهلي، كان أحمد باشا تيمور يفتح حساباً فيه وكان يصر على أن يكتب التاريخ الهجري وليس الميلادي. وحيث أن أحمد باشا تيمور كان رجلاً غنياً وثروته كبيرة، فقد وافق البنك على أن
يكتب التاريخ الهجري. البلاد، باعتبار أنه في أي بي أو يعني أنه من كبار الممولين، فلن يخسروا فرصة مثل هذه، ويكتب بالتاريخ الهجري أو لا يكتب. فكانوا دائماً في ذلك الزمن يهتمون بالتاريخ الهجري قبل التاريخ الميلادي، ولذلك تجد أيضاً في جريدة الأهرام وغيرها التاريخ الهجري موجوداً في المقدمة. وبعد ذلك، التاريخ الميلادي أصبح كثير من الناس لا ينتبهون لهذه الأمور، لكنها موجودة إلى الآن حتى في القوانين والأمور الرسمية التاريخ الهجري، وبعد ذلك مقابله التاريخ الميلادي. يوم الاثنين فجراً حدث القدوم المبارك، وولدت في أي مدينة بني سويف من أبوين أي كأنهما أقرباء
من بعضهما، لكن ليست القرابة. القريبة جداً، وإنما الأجداد واحدة، الأجداد واحدة من قبل، الأمهات وكذلك. وفي هذا الزمن، أنا وُلدت وحيداً. يعني تسأل عن الإخوة وما إلى ذلك، لم يكن لي حظ أن يكون لي إخوة، إلا الإخوة في الله الذين هم يعني البشر. أصبح لدي يعني إخوة في الله. وُلدت في هذه السنة. وبعد ذلك عندما بلغت حوالي تسع سنوات من العمر، بدأنا في مسألة حفظ القرآن الكريم. أتممته بعد ذلك بمدة طويلة، يعني
ربما استغرق سبعة عشر عاماً أو ثمانية عشر عاماً. لقد قطعت مسافة في حفظ الكتاب. خلال هذه السنوات، وقعت أحداث كثيرة في مصر، ومن ضمن هذه الأحداث الشديدة حرب عام سبعة وستين، كانت لدينا في المدرسة مادة تسمى مادة الفتوة، وهذه الفتوة كانت عبارة عن تدريب عسكري لجميع الشباب في المدارس الثانوية. فعندما دخلت المرحلة الثانوية، وبالطبع كانت هذه مادة أساسية وليست مادة اختيارية، ولما اندلعت الحرب كنت أمسك
سلاحاً أمام البنك الأهلي ومحكمة بني سويف الكلية كدفاع مدني أو مقاوّمة أو تسميها كأنها الحرس الوطني أو شيء من هذا القبيل، في أي سن يا فضيلة الإمام تقريباً؟ أنا قد بلغت من العمر خمسة عشر عاماً وبدأت في السادسة عشرة، أي من اثنين وخمسين إلى سبعة وستين، يعني في هذه الحدود، فأنا الآن داخل في... لي أربعة أشهر في السادسة عشرة ولكن الخامسة عشرة وأربعة أشهر في السنة الأولى ثانوي، وانتهينا من امتحاناتنا. وكانت الحرب في يونيو، في الخامس من يونيو. فبهذا الشكل جاءت الحرب، فحملنا السلاح مثل الخدمة الوطنية أو ما شابه ذلك، لأنني لم أكن قد التحقت
بالجيش بعد. ولكنني كنت دائماً متطلعاً إلى الحياة العسكرية. ودائماً أشعر أن الحياة العسكرية فيها نوع من أنواع الجدية، فيها نوع من انواع الانضباط فيها نوع من أنواع العطاء، فيها نوع من أنواع البطولة، يعني شيء مثل ذلك. ولذلك انضممت على الفور حتى وأنا في المرحلة الاعدادية إلى الحركة الكشفية، لأن الحركة الكشفية تشبه الحياة نصف العسكرية. اللورد بادن باول عندما أنشأها. أنشأها وهو في الحرب في أفريقيا لكي تخفف الخدمة عن الجنود وليتفرغ الجنود المدربون لقضايا ساحة القتال نفسها، ولكن الكشافة تخدم بهذا المعنى. أما قضية التخييم
وقضية رفع العلم وقضية تحية العلم وقضايا مثل هذه، فقد كانت تستهويني جداً هذه الحياة المنضبطة المعطاءة التي تجعلنا في نوع. من أنواع الانتماء، وهذا الانتماء كان موجوداً أيضاً في الأسرة، فأصبح يُعمِّق الانتماء إلى الأرض. كنت أستمع إلى جدتي وأستمع إلى أمي، وبالطبع والدي، فهذا أمر آخر، إنه وطني للنخاع، فتعلمنا الوطنية ليس بالتلقي، بل تعلمنا الوطنية بالمعايشة، بالمعيشة التي نعيشها. يعني هل يوجد شيء غير ذلك؟ يعني الذي ليس وطنياً هذا... خائن يعني أو هذا مجنون أو هذا منحرف، في شيء خاطئ غير واضح لأنه يجب علينا جميعاً أن نكون وطنيين.
كنت اسمع جدي وجدتي وهي يرفضون مغادرة بني سويف لأنه عار عليهم أن يتركوا وطنهم إلى هذا الحد. بعد ذلك جاء الأستاذ أنيس منصور وقام برحلة حول العالم في مائتي يوم. وكان يدعو الشباب دائماً إلى الخروج والاستكشاف والسفر الاستكشافي والاتصال بالعالم الخارجي وما إلى ذلك، وطبعاً هذا كان أيضاً من سياسة الدولة، لكن المصريين كانوا متمسكين جداً بوطنهم، ليس بوطنهم فحسب، بل ربما بقطعة الأرض التي يعيشون عليها، أي أن الوطنية كانت لها. مفاهيم متدرجة وكانوا يعني عار، عار أن الوطنية تبدأ من أبسط
التفاصيل، من أقل التفاصيل، ومتصله اتصالاً عميقاً بالحياة. هذا الكلام عند النساء وعند الرجال وعند الأطفال وعند الشيوخ وعند الخطاب العام وعند الثقافة السائدة وعند التعليم، وعند، يعني نحن داخل في هذا، هو هذا الذي تربينا عليه. في كل الخمسينيات وكل الستينيات وهكذا، ولذلك كانت صدمة النكسة صدمة شديدة جداً، لكنني كنت قد انتقلت حينها إلى القاهرة. اسمح لي يا فضيلة الإمام، سأقطع الاسترسال وسآخذ من كلام حضرتك ملاحظة عن التأثر الشديد بالوالد. طبيعة عمل الوالد وطبيعة العلاقة بالوالد ثابتة داخل حضرتك. ماذا فعلت؟ كيف كان انطباع حضرتك؟ ما الذي أخذته من الوالد واستمر معك حتى اليوم؟ هل نستطيع تصنيف الطفولة
بأنها كانت طفولة سعيدة أم طغت عليها الأحداث ودخلت عليها أحداث حرب سبعة وستين وغيَّرت من ملامحها وتحملت المسؤولية مبكراً؟ أولاً، كانت عندنا الطفولة حتى سن الخامسة عشرة، فالأحداث... جاءت بعد الطفولة الحمد لله الحمد لله. لم نكن ثمانية عشر، كنت في الخامسة عشرة من عمري، آخرنا في الخامسة عشرة والشهر. هذا رجل وهذا سيحمل السلاح ليدافع عن البلد. فهذه المرحلة ليست طفولة، إنها طفولة في غاية السعادة ليست سعيدة فقط، ولكن حتى لو قلنا إن هذه... طفولة سعيدة يعني ظلمناها. كان والدي مؤمناً بتقليل النسل، وكان مؤمناً بأن ذلك يتيح للوالدين رعاية الأطفال بشكل أفضل، وتنشئتهم ومعيشتهم
بشكل أفضل تربيتا وتعليماً ورفاهه وهكذا. فكان ذلك أحد الأسباب في أن تكون له أسرة صغيرة، كانت أكبر مني أختٌ رحمها الله وأنا، فهي أسرة مكونة من ولد وبنت. أي أن هذا أتاح، وكان والدي يعمل في المحاماة، أي كان من المحامين الناجحين. وإذا أردت أن تراه وترى كيف كان يتكلم وترى ما يسمونه النبر أو النبرة في طريقة كلامه، فأنت أمامه الآن في حضرته الآن. هل انتبهت؟ تأثر سريع، أم تقول لي إنني أخذت منه. ماذا؟
لا، ما الذي لم اخذه منه. أنا أصبحت هو يعني صوت الضحكة هذه هي ضحكته، الصوت حتى طريقة جلسة جسمي هي نفسها خاصته. لغة الجسد التي يتحدثون عنها هي هو هو، الأستاذ جمعة عبد الوهاب رحمه الله، فهو هذا. عفواً، يقول لك ماذا؟ الأصل أن الذي أنجب لم يمت. ففعلاً الذي خلف لم يمت لأنه كان رجلاً يصلي وهو في التاسعة من عمره، وأمي كذلك كانت تصلي وهي بنت تسع سنين أيضاً. وإلى أن ماتت، رأيتها وقد بلغ بها العمر مبلغاً كبيراً وهي تصلي على السرير، بجانبها قطعة رخام أو شيء
ما. تتيمم عليها وبعدما يؤذن لصلاة الظهر فتصلي الظهر، وبعد قليل يؤذن مرة أخرى فتظن أنها لم تصلِ، فتصلي مرة ثانية. ثم يؤذن العصر فتظنه المغرب. وكانوا يستفتونني ويقولون لي: "ماذا نفعل؟" فقلت لهم: "اتركوها هكذا مع ربنا، فهي مع الله بذلك، هي ليست متعمدة ولا شيء من هذا القبيل"، وهكذا تنتظر الموت بنفس راضية ولكن الغريبة التي لاحظها المرء هي النور الذي في الوجه، وكيف تظهر الطمأنينة والسلام الداخلي والأمان الذي بداخلها، وأثر هذا مع كبر السن والعجز
الكبير، فالوجه منير. فهذا كان حال الأسرة. الوالد أيضاً، فضيلتك، توفي في سن متقدم أم في مرحلة مبكرة؟ هو توفي هو من مواليد سنة خمسة عشر ومات سنة سبعة وثمانين، فيكون بذلك قد عاش اثنتين وسبعين سنة ما شاء الله. نعم، اثنتان وسبعون سنة. والده محمد عبد الوهاب توفي وعمره تقريباً ستة وسبعين سنة، وأخوه الذي هو عمي توفي وعمره في السبعينيات، أي في فترة السبعينيات هكذا. الأب محمد بن عبد الوهاب وأولاده تقريباً في هذه. السن طيب فضيلتك كشاب خرج شديد الفرحة بدوافع وطنية يحب العمل
الكشفي وتلاه أنه ذاهب ليحمل السلاح من أجل الدفاع عن البلد، فبالتأكيد كانت الدوافع قوية والحماس شديد. تلت هذه الأحداث مباشرة الهزيمة في سبعة وستين، فهل مثلت إحباطاً كبيراً أو كسرت في داخل فضيلة الإمام في سن مبكرة؟ خالي كان أحد قيادات سلاح الهندسة، نقول عنه ذلك، وان لم يكن اسمه كذلك في الواقع. كان مهندساً وكان من الذين يصلحون الأسلحة أثناء العمليات القتالية. وكان يبث فينا أننا لم نُهزم، بل خسرنا معركة أو جولة فقط، وأنه علينا أن نستعد ونستعيد أرضنا.
فالإحباط التام لم يحصل لنا. الإحباط التام حصل لشريحة لم تكن موغلة في الوطنية هكذا، شريحة في بعضها كان يعني اما أنه لم ينتمِ هذا الانتماء أو انتمى وبنى آمالاً لنفسه متعلقة بمصالح. نحن لم نبنِ وطنيتنا على مصالح، كنا مستعدين بمنتهى السهولة أن نضحي بأرواحنا من أجل البلد، نحن وعائلاتنا ومن حولنا. راضون وهذا حاصل وحدث في ثلاثة وسبعين وحصل الشعب المصري ما شاء الله لا قوة إلا بالله، شعب قوي. وغير ذلك،
أنا أقول -وليست هذه تفاخراً ولا شيئاً- هذه حقيقة أن هذا الشعب شعب متميز والجينات الخاصة به مختلفة وأنه فعلاً شعب قوي، ولذلك الحكمة الموروثة السائرة في... أدمغتهم شيء مذهل، تجدهم يا أخي لا يتأثرون كثيراً، لكنهم يتأثرون بشكل بسيط هكذا على السطح، لا يتأثرون كثيراً بالإعلام أو بالإشعاعات، لديهم حس بما ينفع البلد وما الذي يضر به. فمن ناحية الاطمئنان على هذا الشعب، أنا مطمئن مائة في المائة بعد تجربة الخمسة. وسبعين سنة هذه
يكون هذا الشعب الطيب. سأرجع إلى نقطة بعد إذنك يا حبيبة، حضرتك ذكرت أن بداية حفظ القرآن كانت في سن التسع سنين وأتممته بعد ذلك في مرحلة متأخرة. وكما نعلم، يعني حضرتك درست العلوم الشرعية، هو القرآن حتى نقول متأخرة أو متقدمة، هو القرآن أساساً معمول حفظه على سنتان، أي أنني أمسك الولد وأضعه في الكُتّاب وما شابه. هذا من سنتين إلى أربع سنوات، من سنتين إلى أربع سنوات. والنقطة التي أريد توضيحها لفضيلتك: هل الاتجاه لدراسة العلوم الشرعية واتجاه الدراسة بعد ذلك كان أمراً اختيارياً أم كان مسلكاً إجبارياً وجهت إليه؟ لا، كان أمراً اختيارياً. ولكن كانت الرغبة الأولى لأبي وأنا صغير أنه كان يريد إدخالي من البداية
في هذا السلك، ورفضت أمي. في ذلك الزمن كانت هي من عائلة الأب والأم، يعني عائلة لا أريد أن أقول أرستقراطية، ولكن قاربت الى الارستقراطية فحكاية الشيخ هذه لم تكن تدخل عقلها لأن الشيخ معناه فقير ونحن أغنياء، فكيف يكون ذلك؟ كان لأبي وجهة النظر الثانية الذي هو أن أخاه كان في الأزهر الشريف، وأن الأزهر الشريف يوجد فيه أيضاً الأغنياء، ولكنها كانت رافضة هذا التوجه. بعد ذلك عندما أتيت إلى المرحلة الثانوية، ملت كثيراً إلى الدراسات الشرعية، ونحن أيضاً نشعر يا أخي أن
التعليم في أيامنا مختلف عن التعليم في أيامكم وكان الله في عونكم تعليم أيامنا، كنا نقرأ المعلقات ونحفظها، وكنا نقرأ لشوقي وحافظ والبارودي، وكنا نقرأ للبحتري وأبي تمام والمتنبي، يعني فحول الشعراء، وكانت لدينا حصيلة لغوية ضخمة. وتقريباً كلنا متخرجون من أو متخرجون في، لأن متخرج من تعني أنهوه، لكن متخرج في تعني حصل على شيء. في المدارس الحكومية الأميرية لا يوجد نظام دولي ولا أعرف ماذا ولا مثل هذا الكلام،
فكان التعليم رصيناً وكانت اللغة مُهتَمٌّ بها، فاستقام الفكر. وفي المرحلة الثانوية، خاصةً في الصف الثالث الثانوي، مِلْتُ كثيراً إلى الدراسات الشرعية. فلما حصلت على الثانوية العامة ذهبت مباشرةً إلى الأزهر، أردت أن أدخل الأزهر، فقالوا... لا والله، الأزهر تعليم نوعي لا يقبل الثانوية العامة. اذهب وابحث عن كلية تدخلها، ثم تعال بالبكالوريوس أو الليسانس لتدخل الأزهر. ففعلت هذا، وكان أمامي اختيار الهندسة وكان أمامي اختيار التجارة، فقلت: حسناً، بما أن هناك قضايا الربا والبنوك
والحلال والحرام وهذه الأمور، فإنني أريد أن أدرس موضوع الاقتصاد. هذه والبنوك والنقود والمعنى هذا، فدخلتُ كلية التجارة هرباً من ثقل دراسة الهندسة، ولكي أتخرج بسرعة ولكي أدخل الأزهر. وفعلاً قد كان، حافظتُ على الحضور في الكلية، في الصف الأول كنتُ أصلي الفجر وأركض إلى الكلية، ولذلك لم تفتني محاضرة قط. وعشتُ السنوات الأربع بتفاصيلها كلها، بدقائقها، بأساتذتها، بمناهجها، بكتبها. وجلستُ أدرسُ هذه الدراسة والحمدُ لله، وفّقني ربُّنا أنني أخذتهم في الأربع سنوات وبدرجاتٍ جيدةٍ ممتازة، وذهبتُ مسرعا الى الأزهر:
"يا جماعة، لقد أحضرتُ لكم الشهادة التي كنتم تريدونها، لكم أربع سنوات"، وبدأ هنا فعلُ الله في القدر يتم، وهو أنه كلما أدخل... شيء يُغلق بعدي، بمعنى أن أدخل ثم يُغلق الباب، فيكون هذا هو النهائي. نعم، إنه مثل الدراما التي يمثلونها أحياناً هكذا: يدخل فيُغلق الباب، يدخل فيُغلق الباب. دخلت الكلية وكان هذا الكلام في سنة ثلاثة وسبعين حيث تخرجت. دخلت من هنا فأُغلقت هذه الحالة، بمعنى أن أي شخص يحمل الليسانس أو البكالوريوس لا. يدخل الأزهر كان أيامي، يدخل الآن لا يدخل. ساعدني حفظ القرآن وساعدني
تشوفي وشغفي للعلوم الشرعية الذي برز بقوة وظهر بشدة في المرحلة الثانوية، وكذلك أن أتميز في الدراسة. أنهيت الدراسة ثم ذهبت وقدمت في كلية الشريعة والقانون حتى أنل مرحلة الدكتوراه. دخلت ووافقت وتمام، واخترت أحد شيئين إما... الحديث دراسة الحديث في أصول الدين، أو دراسة الشريعة الأصول في الشريعة. لماذا اخترت هذين الاثنين؟ لأنهما بهما الاجتهاد. إذا تخصصت في الحديث وفي أصول الفقه، فإنك تستطيع
أن تكون قد قطعت نصف طريق الاجتهاد. فقلت إما هذا أو ذاك، فقدمت في الحديث وقدمت في أصول الفقه. تأخر الحديث قليلاً في القبول وأصول الفقه قبل، فقلت الخير فيما اختار الله وذهبت مباشرةً ودخلت من هنا. أغلق هذا الأمر من هنا: "أنت متخرج من كلية الدراسات، إذن عليك أن تذهب إلى الدراسات ولا تأتي إلي هنا في الشريعة". فأصبحت متخرجاً من كلية الشريعة والقانون في حين أنني متخرج من كلية الدراسات، وهذا النظام الأمريكي أصلاً، حيث عندما تتخرج من كلية يجب أن تذهب لإكمال الدراسات العليا في كلية أخرى. فما حدث هكذا، وأغلق الباب هكذا، ثم حصلت على الماجستير والدبلومات وغيرها،
وأصبحت أحضر على مشايخي، ومشايخي أجازوني، واتسعت المساحة، فصار لي شيوخ في المغرب، ولي شيوخ في مكة، ولي شيوخ. في الهند ولي شيوخ وبدأت أفرد في هذه العملية حتى أصبح لدي كتاب في الإجازات بأنهم أجازوني أكثر من خمسة وعشرين شيخاً درست عليهم دراسة تفصيلية ومتأنية، وبعد ذلك حدثت إتاحة أو فرصة عمل في كلية الدراسات التي تخرجت منها لأكون مدرساً مساعداً، فتقدمت بالماجستير. قُبلت أوراقي فوراً حيث إنه لم يكن أحد معي، فدخلت وأصبحت مدرساً مساعداً لأصول الفقه، وحصلت على الدكتوراة فأصبحت مدرساً
لأصول الفقه، وبعد ذلك حصلت على الأستاذية المساعدة ثم الأستاذية، وبعدما حصلت على الأستاذية رشحني الدكتور حمدي زقزوق، رحمه الله، مفتياً للديار المصرية رحمه الله، وحينئذ تم الترشيح، وطبعاً كان قد رشح ثلاثة. رشح فضيلة الإمام أحمد طيب ورشحني ورشح - رحمه الله - الدكتور أحمد طه ريان، فأُجيز من الجهات كلها وما إلى ذلك. هذان الاسمان، الدكتور أحمد طيب وعلي جمعة، وتم اختيار أحمد طيب مفتياً، ثم بعد ذلك عندما أراد أن يذهب إلى الجامعة، ليؤسس الجامعة،
فأصبحت أنا المرشح الظاهر في المقدمة. فاتخذوني مفتيا. أريد أن أتوقف هنا في نقطة مهمة. تفضل، حضرتك تسعى في هذا الطريق أو حضرتك تعاني لا أسعى بالمناسبة، أنت تسير في طريق العلم. كلما أدخل في شيء يُغلق، معناه بعدها مباشرة حكاية الدخول إلى الأزهر أُغلقت، وحكاية الدخول للشريعة أُغلقت، وحكاية التعيينات أُغلقت. حكاية وهكذا أنا أقصد فضيلتكم، خلال مرحلة الدراسة والتبحر في علوم الدين، هل كنت ترى ما ستصل إليه في المستقبل أم كان الهدف أن تكون عالماً وتنقل العلم فقط؟ لا، أنا لم أكن أتصور أنني سأنجح هذا النجاح ولا سأتولى هذه المناصب أو أسلك ذلك الطريق، يعني هذا شيئاً من عند الله والفضل
فيها لله وحده فإنما الحمد لله رب العالمين. تم هذا حتى بعد أن أصبحت مفتياً، دخلت هيئة كبار العلماء أولاً مجمع البحوث أثناء حياة سيدنا الشيخ سيد طنطاوي رحمه الله تعالى، وبعد ذلك هيئة كبار العلماء في ولاية سيدنا الشيخ أحمد الطيب. يمكن هنا بعد الجزء التعليمي. ويمكن أن ننتقل للجزء الخاص بالزوجة والأولاد والأحفاد. لقد تزوجت مبكراً فور تخرجي، كان عمري واحداً وعشرين عاماً في عام ثلاثة وسبعين. ذهبت لخطبة حوالي ثلاثين فتاة ولم توافق أي منهن. منهن من تقول لك: "إنه ملتحي"، وأخرى تقول: "ماذا
سيفعل هذا؟ إنه خريج تجارة". بالنسبة للذي يقول لك مثلاً أنه ذهبت إلى فتاة لخطبتها فوجدها قد ماتت، وفتاة أخرى ذهبت لخطبتها فقالت: لا، إنني أحب شخصاً آخر ومتفقون على الزواج وهي سعيدة بذلك، وهكذا فتركتها لله. تزوجنا وكان ذلك مخالفاً للقوانين الحديثة، لكن في ذلك الوقت كان سن الصبي والبنت ستة عشر عاماً. بعد ذلك، وبسبب القوانين العالمية التي رفعت
سن الطفولة إلى ثمانية عشر عاماً، تم إقرار القانون. وقد تزوجتها وهي في السابعة عشرة من عمرها، كانت في السنة الثانية الثانوية. وقال لي والدها رحمه الله بشرط أن تكمل تعليمها، والحمد لله أكملت تعليمها وتخرجت. وبعد ذلك دخلت الأزهر متأثرة بحضرتك. والله لم تتأثر بي أبداً، شخصية جيدة، اجتهدت على نفسها فحفظت القرآن، ثم أرادت أن تتعلم هي أيضاً بهذه الطريقة، فدخلت الأزهر وأكملت دراستها وحصلت على الدبلوم وأشياء مماثلة، لكن في النهاية هي أيضاً، قلت افعل مثل أبي، ننجب عدداً محدوداً، فأنجبت ابنتي الأولى في عام خمسة وسبعين، والثانية في عام ستة
وسبعين، وقلنا يكفي هذا العدد، سبحان الله. البيت الذي يكون فيه بنات فقط، حتى نعرف أن حبيبة بنت وحيدة, من بناته، نعم سوف أحكي لكم، وبعد ذلك بنت سنة خمسة وسبعين وستة وسبعين، متتاليين هكذا، وفجأة أصبحت حاملاً سنة ستة وسبعين. فأصبحنا في خمسة وسبعين وستة وسبعين وسبعة وسبعين ثلاثة. أنا عندي ثلاث بنات ما شاء الله، نعم. وبعد ذلك مضت الأيام ومرت السنوات وجاءت السنوات التالية، فمثلاً بعد قيمة ستة وسبعين الى اثنين وتسعين، فكم سنة مرت من ستة وسبعين أو سبعة وسبعين؟ خمسة عشر سنة. بعد خمسة عشر سنة وجدتها حاملاً. ما هذا الوضع؟ هذا
شيء عجيب! حسناً، أصبحت أحضر للولد في السفريات. وكان ولد، وبعد ذلك ذهبت للطبيبة التي تعالجها قالت لها غدا الولادة، ذهبت إلى المستشفى، وبعد ذلك قالت ان الولد قد مات في بطنها، وهنا لم يستهل صارخاً. آه، فمن ضمن أنك أنت في البداية قلت أبو الحسن، نحن سميناه عبادة. الولد الذي ولد ميتاً هذا يعني أنني أبو عبادة أيضاً، أبو عبادة هنا. فهذه معلومات يعني حصرية. ودفنته مع أبي لأنه كان متطلعاً أن يكون لدي ولد على عادة
أهل الصعيد، يعني أخ لهم، فولد الولد، فقلت له: خذ الولد الذي تريده، وجزاك الله خيراً يا فهذا. هذا الجانب، كبروا هؤلاء وتزوجوا وأنجبوا، وأصبح لدي ستة أحفاد: ثلاث بنات وثلاثة [أولاد]. ثلاثة صبية منهم تخرجوا من الجامعة وثلاثة ما زالوا في الجامعة وقبل الجامعة بقليل هل الأحفاد هؤلاء غيّروا شيئاً داخلك أو في طريقة تواصلك معهم خصوصاً في الزمن الذي نحن فيه وعصر التكنولوجيا وهذه الأشياء من الأمور التي وفقنا الله فيها من عنده أيضاً من غير حول منا ولا قوة ولا خطة ولا كذا وإلى آخره أنه رزقنا ببيتين مقابل
بعضهما بنيته فسكنوا معنا، فأصبحت البنات واحدة منهن في أمريكا، أنجبت ثلاثة أولاد لكن أولادها معنا، يعني تركوا أمريكا ومقيمون في مصر لأن مصر هذه مبهرة، وحقيقتها أنها مبهرة، يعني تركوا أمريكا وتقول لي حفيدتي الكبيرة وهي معها. عدة لغات ومعها أيضاً ماجستير في السياسة وفي التربية وهكذا إلى آخره أشياء حتى حديثة تقول لي لم يعودوا من بني الإنسان، وهذه العبارة يجب أن نركز عليها: "لم يعودوا من بني الإنسان"، لم يعودوا بشراً.
نحن نريد أن نعيش كإنسان، ما الذي نفعله في أنفسنا؟ هي مولودة. في أمريكا هي صاحبة جنسية أمريكية، متميزة في دراستها، وفي النهاية عرفت أنه يهرب من نموذج الإنسان. ملخص لطيف لما يحدث، يعني مررنا على أجزاء كثيرة في الحياة الإنسانية، وذهبنا إلى الأجزاء في الحياة العملية والعلمية. سننتقل لمرحلة فيها بعض الاشتباكات، محاولة اغتيال في سنة ألفين وستة عشر ممكن. لأسباب تتعلق بالرأي أو ربما لأسباب تتعلق بالفكر، نود أن نعرف منك أكثر عن تفاصيلها أو ملابساتها. هل غيّرت فيك شيئاً أم لا؟ أم لم تغير شيئاً؟ نحن متوكلون على الله ولا
يهمنا ذلك. هذا غبش، وكان شخص اسمه يوسف القرضاوي - الله يعامله بما يستحقه - في تركيا وكان يتحدث عن أردوغان. السلطان وهذا السلطان ولا يعرفون، واتفقوا هناك أنهم يغتالون، فأرسل ثمانية بالرشاشات لكي يغتالوني. أطلقوا عليّ تسعين رصاصة وأنا كنت نازلاً بالزي الأزهري لأن لدي تصوير، فقناة السي بي سي كانت قادمة للتصوير في المسجد. فعندما سمعت طلقات الرصاص هكذا، اتخذت وضع الحماية، أي نزلت تحت هكذا ودخلت المسجد لكي أحتمي بساتر!
أثناء التحقيقات، كان الصبية يقولون لوكيل النيابة: "هذا اختفى، لقد كان أمامنا ثم اختفى". فقال لهم: "حسناً، يقولون أنه ولي، ألا يمكن أن تكون هذه ولاية أو شيء من هذا القبيل؟" فأجابوا: "نعم، يقولون فعلاً أنه ولي، لكنه اختفى ولم نره ثانية. لقد بحثنا عنه ولم نجده". فقال لهم: "حسناً، عندما يعود..." بك الشريط الزماني هل تفعلون هكذا مرة أخرى. قالوا نعم، الجماعة أمرت بأن اقتلوه، سنقتله. ما أنا ولي، ولا ففي غسيل مخ لهم. أنا عندما وصلت كان ليس عليَّ الخطبة، أنا عليَّ درس بعد الخطبة. صممت على أن أكون الذي يخطب
لأجل سي بي سي، تسجل أنني أنا لأنني كنت متأكداً أنهم. أنهم أعلنوا منذ لحظات اغتيالي وقد كان فعلاً أعلنوا قبلها بثلاث دقائق أنه تم اغتياله وكان أحدهم مركباً شيئاً في رأسه كالكاميرا، قال لماذا؟ ليُري توثيقاً للحادث. كيف قتلناه الإخوة الذين في إسطنبول؟ ولكن الملجأ لم يأتِ بعد، الملجأ لم يأتِ بعد. والله لما... تضرب تسعة ويضرب هذا مسألة آجل. خطبت الخطبة فقالوا: "والله هذه تمثيلية بينه وبين الحكومة". في استمرار الحكومة، ستذهب لتضرب شخصاً أنتم تتهمونه بأنه يؤيد الحكومة، يعني خلل، خلل تام. هذا الخلل التام هو العقلية التي نتعامل معها، هو العقلية التي
تحاول أن تفهم النص فهماً خاطئاً، هو العقلية. التي تُريق الدماء بمجرد الاحتمالات الساذجة التي تعيش فيها تلك الجماعة. كيف ترى حضرتك غسيل المخ الذي يقومون به لمعظم الفئات خصوصاً الشباب، هذه الجماعة، ليأخذوهم تربية من الأساس بأنشطة وفعاليات: يقيمون نشاطاً، يصطحبونهم في رحلة، يُحفِّظونهم القرآن، يأخذونهم إلى المسجد، ينفخون فيهم أنك متميز، أنك حفظت القرآن، وهؤلاء الأوباش. لم يحفظوه. أنت تصلي في المسجد والكفار هؤلاء لم يصلوا. يغرس فيه الكِبر ويحفظ القرآن ويتكبر به - والعياذ بالله تعالى. نحن عندما حفظنا القرآن ازددنا تواضعًا، وعندما حافظنا
على صلاتنا ازددنا تواضعًا، لكنه يغرس فيه التميز والأستاذية، أستاذية العالِم، فهذا يجعل الناس ممسوحة الشخصية خاصة إذا كان... لديه ميل للزعامة، وهذه فرصة جيدة للزعامة تأتيه. أنا زعيم، والزعامة في مجال الدين سهلة، فأي شخص يتحدث بشكل جيد أو بكلمتين، أو يعرف كيف يخطب أو يعرف كيف يشرح، يمنع ما يصبح صعباً ويصبح خروجاً على الدين. فيصبح الخروج عليه خروجاً على الدين، ويصبح هو الدين نفسه. هذه الشخصنة هي التي يستغلونها. استغلال تام للوصول إلى هذه الحالة المتردية وأنت تراها. انظر إلى المذيعين الخاصين بهم في القنوات السيئة، يقولون هذا
شخص غبي لا يصلح، نعم هذا فعلاً أحمق، إنه يتكلم كلاماً غير منطقي وغير مترابط. كما يقولون لم يجدوا في الورد عيباً فقالوا له أحمر الخدين، مع أن الورد بطبيعته أحمر. الخدَّان جميلان بالفعل، وهي جميلة على فكرة، ورائحتها طيبة ومفيدة وجميلة. وكما قال تعالى: "سيُهزم الجمع ويولون الدبر". بسم الله، حسناً. وبمناسبة الحديث عن المواجهة مع التيارات الدينية المتطرفة، فضيلة الإمام، حضرتك ربما تكون من أكثر الشخصيات المعاصرة التي عانت من فكرة الاجتزاء من السياق. هل يمكن لحضرتك أن تشرح هذه الفكرة في ساعة ويقتطع لحضرتك دقيقة منها ويشن هجوماً ضارياً ولا ينتهي ويستمر ويتواصل مع حضرتك. أنا لاحظت أن هذه القضية ترسم منحنى
الجرس، كان في البدايات يفعلون هذا ويصل الاعتراض في العالم الإسلامي من طنجة إلى جاكرتا لأن الكلام الذي اقتطعوه "لا تقربوا الصلاة"، فكيف يتأتى هذا؟ يعني ألا نصلي الصلاة؟ ركن من أركان الدين كيف أننا لا نقربها؟ فويلٌ للمصلين. يا جماعة، هذه القضية لم تخل على العالم الإسلامي، وبدأ العالم الإسلامي ينزل، ليس كله لأن هناك أناساً معهم قلباً وقالباً وما إلى ذلك، ولديهم تنظيماتهم. فالعداء هنا ليس لأنني قلت وأنا قمت، لا، هذا العداء... أنا هنا لأن هذا الشخص يعارض ما نحن عليه، وبدأ
العالم الإسلامي يعود مرة أخرى بقوة. هذا الكلام رأيته في المؤتمرات، ورأيته في الوفود التي جاءت للزيارة، ورأيته في الرسائل والاتصالات. في البداية عندما كان الهجوم مستمراً، لم أهتم به، ويأتي النبي يوم القيامة وليس معه أحد، وهل سأكون أفضل من... هذا النبي، هذا النبي، كان كل قومه ضالين، فمن يأتي وما شأنه؟ ليس معه أحد، ويأتي ومعه اثنان، يأتي معه ثلاثة. ما شأني؟ إن الحق ليس بالكثرة، ونحن لسنا أفضل من الأنبياء، فهؤلاء الأنبياء هداةٌ لنا. فأنا لن أتأثر بهذا ولن أتدخل، وبالفعل وفقني الله في ذلك فيما بعد. وجدتُ أن الناس بدأت تفهم اللعبة. الله، هذا افتراء! الله لم
يقل هكذا، الله يقول هكذا. بدأ الناس يعودون في التأييد وكذلك بدأوا يأخذون جرعات ضد التحريف. فور سماعهم أي شيء يقولون: الله، إن هذا الرجل يفتري عليه، انتظر حتى نسمع كلام هذا الرجل، إنه يفتري عليه، انتظر. عندما نسمع وأصبحت اللعبة التي يلعبونها فشلت فالحمد لله رب العالمين، ما بين دار الإفتاء المصرية وتطويرها وعدم اختصار دورها على إصدار أو التصديق على أحكام الإعدام أو بعض الأدوار المحدودة، تطور ملحوظ في فترة تولي فضيلتك، وما بين العمل السياسي كرئيس للجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب وما بين الأستاذ. والعالم الجليل والمجدد في الخطاب الديني، أفضل أو أكثر الأماكن راحة لفضيلة الإمام علي جمعة، جانب
لم تذكره وهو جانب فعل الخير، لأنه مؤسسة مصر الخير التي أنشأتها سنة ألفين وسبعة، وأشعر بأنها تنفذ الأوامر الربانية المباشرة: "ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا، إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورًا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان إلى آخره. هذا الجانب أشعر فيه، أنت تعرف ماذا يعني، كالذي يصلي الفريضة ثم يؤدي بعض الأمور الأخرى بجانبها، لكن صلاة الفريضة لها رونق لأنها لها أمر مباشر، وتلك الأمور التي بجانبها جميلة. جيدة، جيد السياسة أن نحاول خدمة الناس، ونحاول كذلك فهذا جيد.
الفكر والكلام وبناء مدرسة تبلِّغ هذا الدين لمن بعدنا جيد. قضايا مثل الإفتاء والمؤسسية، كانت فكرتي في الإفتاء هي فكرة المؤسسية. نريد أن نحوِّل الأمر من شخص يُفتي إلى مؤسسة، وقد كان ذلك وتطورت الحمد لله، وما زالت تتطور إلى... الآن، إنما في كل هذا الخضم، قد يكون فعل الخير أولى شيء في الترتيب. كلهم جيدون وهذا أفضلهم. السؤال قبل الأخير: هل يتعارض التدين أو الالتزام الديني مع الاستمتاع بالحياة؟ أبداً، فنحن مستمتعون بالحياة فوق الوصف، ومستمتعون بنعم الله سبحانه وتعالى، وأيضاً هو أمر مباشر: "وأما بنعمة ربك فحدث".
نحن نرفه في نعم الله، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها، ونشعر بها ونتلذذ بها ونحن في بهجة دائمة. كما بدأنا في الجزء الأول بلمحة قوية عن الوطنية، أريد من فضيلتك في نهاية لقائنا اليوم رسالة عن الوطنية في ظل ظروف يمر بها الوطن، توجهها حضرتك إلى الشباب. ولجموع الشعب المصري كيف نصطف خلف قيادتنا أكثر، كيف نكون فاعلين أكثر، كيف نقف بجانب بلدنا أكثر في هذه المرحلة. أنا أقول لهم تجربة السنين: ربنا حارس هذه البلد وربنا يوفقها لقيادات رشيدة، وهذه القيادات الرشيدة -
الحمد لله - تعطي البلاد بما هو مرئي، ولا ينبغي على أي أحد منا أنه... ينكر المرئي ويصدق المسموع، سيأتي ويقول لي: "والله هذا أصله وفصله وكذا" إلى آخره، وأنا أرى الدنيا تتغير إلى الأحسن وتتطور إلى القمة، ونقوى بكل معاني القوة، ونُحترم في العالم بكل معاني الاحترام. فالظاهرة الصوتية التي تعتمد عليها الجماعات الإرهابية وغير الإرهابية ستذهب إلى مزبلة التاريخ، وأنا أقول لإخواننا وشبابنا... وأولادنا وأحفادنا، هذه بلاد محروسة وهي غوث العباد، فتمسكوا بها فلن تجدوا وطنًا سواها بإذن الله. نحن في نهاية لقائنا نشكر فضيلتكم وقد استمتعنا
جدًا، ووقت فضيلتكم اليوم كان فيه بعض من المحدودية، فعلى وعد بلقاء آخر لأننا محتاجون أن ننهل من حكمتكم أكثر في الحديث بإذن الله. وقد تشرفنا جدًا بحضرتكم كثيرًا. شكراً جزيلاً يا فضيلة الإمام