محاضرات في كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض | الرابعة | أ.د علي جمعة | 2009 - 11 - 20

محاضرات في كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض | الرابعة | أ.د علي جمعة | 2009 - 11 - 20 - الشفا بتعريف حقوق المصطفى, سيدنا محمد
السلام عليكم، يكون مقرراً عليكم حفظ صفة النبي صلى الله عليه وسلم مع تفسيره، أي أن هذا سيأتي لكم في الامتحان. قد يُطلب منكم في الامتحان أن تذكروا صفة النبي صلى الله عليه وسلم كما وردت في السنة المطهرة. إذا أخطأتم في التسميع، فمع السلامة. خلاص، ضمنتم ثلث الامتحان لانهم ثلاثة أسئلة، أعطيكم سؤالاً منهم لنرى إن كنا
سنحفظ أم لا. حسناً، في صفحة مائة وسبعة، بسم الله، فصل في الخصال المكتسبة من الأخلاق الحميدة والآداب الشريفة. إذ إن هناك أموراً وهبية لا حيلة للإنسان فيها كجمال المنظر والفطرة السليمة والعقل الراجح والذكاء، وهناك أمور يكتسبها الإنسان بجهده، وعليه فله الثواب عند الله والله كمل النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم وهباً وكسباً، فوهبه من الصفات غايتها من ناحية البشرية، وكذلك وفقه وهداه في الأخلاق المكتسبة. إذاً
فالأمر دائر بين الوهب والكسب، وهو قد بلغ التمام فيهما صلى الله عليه وسلم. قال الفقيه القاضي الذي هو عياض يعني: وأما الخصال المكتسبة من الأخلاق الحميدة والآداب الشريفة التي اتفق جميع العقلاء على تفضيل صاحبها وتعظيم المتصف بالخلق الواحد منها فضلاً عما فوقه، وأثنى الشرع على جميعها وأمر بها، ووعد السعادة الدائمة للمتخلق بها، ووصف بعضها بأنه من أجزاء النبوة، وهي المسمى بحسن الخلق، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق".
وقال ربه فيه: "وإنك لعلى خُلُقٍ عظيم"، وهو يقول: "أحسن الحسن الخلق الحسن". وهذا حديث يُسمى المسلسل بالحسن، والمسلسل من الحديث ما كان فيه وصف مطرد مسلسل قل على وصف أتى مثل أما والله أنباني الفتى. كذاك قد حدثنيه قائماً أو بعد أن حدثني تبسّم، يبقى هذا اسمه. مسلسل بالتبسم، مسلسل بالقيام، مسلسل بيوم عاشوراء، مسلسل بأني أحبك، مسلسل بالأولية. وهكذا يقول كل شيخ لتلميذه وهو يروي الحديث شيئاً معيناً يكون صفة للمسلسل. فالمسلسل
هذا عبارة عن نوع من أنواع الأحاديث نشأت من رواية المسلمين ومن اهتمامهم بالسند، فنشأ ما يسمى بالحديث المسلسل. وألف فيه جماعة منهم السيوطي. مسلسل قل على وصف أتى يعني جاء على وصف معين، وحديث الأولية يقول الشيخ فيه لطلبته: "وهذا أول حديث أُحدثكم به إلى سفيان بن عيينة: الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمْكم من في السماء" بسكون الميم. "يرحمُكم من في السماء" بضم الميم، روايتان عن عبد الله. عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الراحمون يرحمهم الرحمن
تبارك وتعالى". إذاً، أنتم الآن ماذا أخذتم؟ حديث الأولية. تقول: وكان أول حديث حدثنا به الشيخ. فهذا حديث مسلسل، وخذوا سنده مني هكذا إلى سيدنا رسول الله صلى ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. الآن أنتم اصبحتم هكذا لكم قيمة لأنكم أصبحتم حلقة من حلقات سلسلة سند متصل برسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني لستم مثل كل الناس. يا الله! انظر كيف أن النسبة إلى رسول الله شيء عظيم جداً. فيكون حديث الأولية وعن الحسن عن أبي الحسن عن جد الحسن صلى الله عليه وسلم أحسن الحسن الخلق الحسن، فيسمون هذا حديثاً مسلسلاً بالحسن. كل واحد
يقول: حدثني شيخي وكان وجهه حسنا حدثني شيخي وكان خطه حسناً، حدثني شيخي وكان ثيابه حسنة، حدثني شيخي وكان بيته حسناً. يعني لابد أن يذكر الحسن في أي شيء من الرواية، فهذا يسمونه المسلسل بالحسن. فالنبي صلى الله عليه وسلم قال عليك بحسن الخلق وقال خالق الناس بخلق حسن وقال أحسن الحسن الخلق الحسن إلى آخره، وهنا هذه الأخلاق يقول في البداية ماذا؟ اتفق جميع العقلاء على أن هناك شيئًا يسمى الأخلاق المشتركة. فالأمم المتحدة
عملت شيئًا يسمى الأخلاق النشطة، الأخلاق النشطة، انظر كيف أدركها الرجل منذ القرن السادس الهجري، خمسمائة وقليل، الأخلاق النشطة عندما نتأملها نجدها هي أخلاقنا متوافقة. قالوا: نضع أيدينا في أيديكم في هذه الأخلاق. قلنا لهم: سنضع أيدينا في أيديكم في هذه الأخلاق. لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها كلها. يجب أن تكون صادقاً، نعم هذه التي لنا يجب أن تكون محترما لنفسك وأن تحترم الاخرين، نعم هذه التي لنا لا بد أن تكون يعني نشيطًا صاحب همة تحب الخير للناس، نعم هذا أنا، هذا هو أنا المسلم، هو هذا، أم نقول
لهم لا، بل قال مهما أتوني بخطة رشد إلا وافقتهم عليها عليه الصلاة والسلام، وهو الاعتدال في قوى النفس وأوصافها والتوسط فيما دون الميل إلى منحرف أطرافها، فجميعها قد كانت خُلُق نبينا صلى الله عليه وسلم على الانتهاء في كمالها والاعتدال إلى غايتها، حتى أثنى الله عليه بذلك فقال: "وإنك لعلى خلق عظيم". قالت عائشة: "كان خلقه القرآن، يرضى برضاه ويسخط بسخطه". وقال: "بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق". قال أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلقاً، وعن علي رضي الله عنه مثله. وكان فيما ذكره المحققون مجبولاً
عليها في أصل خِلقته وأول فطرته، لم تحصل له باكتساب ولا برياضة، إلا بجودة إلهية وخصوصية ربانية. يعني كله منْ عند الله إلّا كسباً ووهباً، وهكذا لسائر الأنبياء ومَن طالَعَ سِيَرَهم منذ صِباهم إلى مَبعثهم حقَّقَ ذلك وأنَّ اللهَ حَفِظَهم بحفظِه وعَصَمَهم بعصمتِه كما عُرِفَ من حالِ عيسى وموسى ويحيى وسليمان وغيرهم عليهم السلام، بل غُرِزَت فيهم هذه الأخلاقُ في الجِبلَّةِ وأُودعوا العلمَ والحكمةَ في الفِطرة، قال تعالى: ﴿وآتيناه الحكمَ صبياً﴾، قال المفسرون: أعطى اللهُ يحيى العلمَ بكتاب الله تعالى في حال صباه، وقال معمر: كان ابن سنتين أو ثلاثة،
فقال له الصبيان: "لِمَ لا تلعب؟" فقال: "ما للعب خُلِقت". وقيل في قوله تعالى: "مصدقاً بكلمة من الله"، صدَّق يحيى بعيسى وهو ابن ثلاث سنين، فشهد له أنه كلمة الله وروحه. وقيل: صدَّقه وهو في بطن أمه، فكانت تقول امرأة يحيى لمريم: إنني أجد ما في بطني يسجد لما في بطنك تحيةً له. وقد نص الله تعالى على كلام عيسى لأمه عند ولادتها إياه بقوله لها: "لا تحزني" على قراءة من قرأ "من تحتها"، وعلى قول من قال إن المنادي عيسى. ونص على كلامه في مهده فقال: "إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً،
وقد قال تعالى: "ففهمناها سليمان وكلاً آتينا حكماً وعلماً"، وقد ذُكِرَ من حكم سليمان وهو صبي يلعب في قصة المرجومة وفي قصة الصبي ما اقتدى به داوود أبوه، وحكى الطبري أن عمره كان حين أُوتي المُلك اثني عشر عاماً، وكذلك قصة موسى مع فرعون وأخذه بلحيته وهو طفل، وقد قال المفسرون في قوله تعالى: "ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل" هديناه صغيراً. وقال بعضهم: لما ولد إبراهيم بعث الله تعالى إليه ملكاً يأمره عن الله أن يعرفه بقلبه ويذكره بلسانه، فقال: "قد فعلت" ولم يقل "أفعل"، فذلك رشده. وقيل إن إلقاء إبراهيم عليه
السلام في النار ومحنته كانت وهو ابن ست عشرة سنة وأن ابتلاء إسحاق بالذبح كان وهو ابن سبع سنين. الذبيح في الراجح إسماعيل وهو فيه خلاف أشار إليه القرطبي. يعني نحن نرجح أنه سيدنا إسماعيل، ولكن هذا محل خلاف. أما كونه إسحاق فهو المنصوص عليه في التوراة فسرت هذه إلى بعض علماء المسلمين دون تدقيق، ولكن الذبيح على الراجح حتى من القرآن أنه هو إسماعيل. وهناك في التوراة نص قال اذبح ابنك
البكر إسحاق. كيف يكون ذلك؟ فالبكر هو إسماعيل. هل أنت منتبه لهذه التحريفات؟ "اذبح ابنك البكر" يعني إسماعيل وليس إسحاق. إنه تلاعب بالكلمات. إنه مجرد لعب، وكان مشايخنا يقولون إن هناك أربعين آية في القرآن إذا جمعت بعضها إلى بعض، يتضح لك جلياً أن الذبيح هو إسماعيل. حسناً، ليأتِ شخص ويفعل ذلك، يقرأ القرآن ويستخرج لي هذه الآيات الأربعين، سنمنحه امتيازاً ونطبع له الكتاب "القول الصحيح في أن إسماعيل هو الذبيح". دعنا نجعل كتاب بهذا الاسم، من
الذي سيقوم بهذا؟ هل ستفعل أنت أم لا؟ اجلس هكذا مع نفسك، راجعها وتأمل كل الآيات التي يمكن أن تدل أو تتحدث عن إسماعيل وعن إسحاق وعن إبراهيم، وهكذا. احصرها وتأمل مع نفسك، ستجد في الآيات ما يدل على أن إسماعيل هو الذبيح، ونعمل لك هكذا أو القول النصيح واحد اخر ثانياً لو أحضرنا بحثين نجعل واحداً القول الصحيح والقول النصيح في أن إسماعيل هو الذبيح، طيب، وأن استدلال إبراهيم بالكوكب والشمس والقمر كان وهو ابن خمسة عشر شهراً، لماذا هكذا خمسة عشر شهراً؟ قم يا فتى أنت قل لي نعم أنت ام
أنت لست معنا هنا ام انك علينا ام انت دسيسة ام ماذا قل يا ولد خمسة عشر لماذا هكذا وهو ابن خمسة عشر شهرًا لماذا الاثنان مفتوحان هكذا لم نضم واحدة منهما لماذا؟ آه، لا أحد يعرف مطلقًا، أنت يا فتى ألا تعرف هي خمسة عشر لماذا؟ لم نكسرها ولم نفتحها ولم نضمها. ما الأمر؟ كيف للتسعة والتسعين؟ يعني نقول مثلاً أعطني اثنين وعشرين، وبعد ذلك نقول جاء اثنين وعشرين أيضاً. فهي من أحد
عشر إلى تسعة وتسعين، لا يصح بل نقول جاء اثنان وعشرون؟ إذاً فهي ليست مبنية على فتح الجزأين. الذي مبني يا فتى على فتح الجزأين هو من أحد عشر إلى تسعة عشر اذن هناك شيء يا أبنائي يُسمى مبنياً على فتح الجزأين مثل "ليلَ نهارَ" و"صيفَ شتاءَ"، والأعداد من أحدَ عشرَ إلى تسعةَ عشرَ مبنية على فتح الجزأين دائماً. هل فهمت كيف أنها مبنية على فتح الجزأين؟ ليست من أحدَ عشرَ إلى تسعة وتسعين، لا، لقد فاتتك هذه النقطة وخرجت عن الصواب. على فكرةٍ، ما تقوله هو خطأ. فلا تقل: "الله لقد أجبت جزءاً منها". لا، ليس الأمر كذلك. إما أن تُسجل هدفاً أو لا تُسجل هدفاً. حسناً، وقيل: "أوحى الله تعالى إلى يوسف". لم نقل "يوسفِ" لأنه
ممنوع من الصرف للعجمة. فيوسف اسم أعجمي، أي غير عربي. وما دام أعجمياً فهو يجر بالفاتحة وحسب. لا يأتين أحد ليخدعك قائلاً: "لا، إنه يؤسف" يعني فعل أو ما الى ذلك لا "إنه يوسف" فهو اسم أعجمي، وإبراهيم اسم أعجمي، وإسماعيل اسم أعجمي، ونوح اسم أعجمي. كل هذه أسماء ليست عربية. "وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا" إلى غير ذلك مما ذُكر من أخبارهم عليهم السلام، وقد حكى أهل السِّيَر أن آمنة بنت وهب التي هي مَن آمنة بنت وهب؟
- فيكون السؤال الثاني في الامتحان: سأقول لك أخبرني عن آبائه وأمهاته وأعمامه وخالاته وعماته، واجمعهم أيها الطيب. ها هو الكتاب معك، النبي اسمه محمد بن عبد الله، اذكر لي نسبه. فتأتي لي بنسبه سبعة أو ثمانية أسماء كذلك تحفظها. حسناً، من هو أخوه؟ ما اسم شقيقه؟ ها؟ ماذا؟ ليس له أخ شقيق، ليس له أخ شقيق. حسناً، أخته؟ آه، إذاً ليس له أخت شقيقة، إذاً هو شخص واحد هكذا، هو لا يملك أخاً ولا أختاً من أب ولا
من أم ولا شقيق ولا أي شيء فرد هكذا. الفرد العلم. حسناً، أعمامه، قم بإحضار أسماء أعمامه. حسناً، خالاته، ابحث لترى مَن خالاته. حسناً، جدته أم أمه، ما اسمها؟ حسناً، أم عبد الله التي هي امرأة عبد المطلب، ما كان اسمها؟ وهكذا، اعملوا على ذلك من الآن لأنه سؤال في الامتحان. هل فهمتم جيدا جمع ذلك التميمي في سيرته الصغيرة له كتاب يسمى سيرة النبي في حوالي ثلاثين صفحة تقريباً، اسمه التميمي. نعم، قال وأعمامه وخالاته واخواله وجداته وما إلى ذلك لكي
تحفظوه. لكنكم ضحالة ما بعدها ضحالة. والغريب أنه سيقول لي: من التميمي؟ وهل الكتاب مطبوع أم غير مطبوع؟ لا لا لا، لا أنا غاضب، أنا غاضب. وبعد ذلك اضطر أن أشتري لكم الكتاب وأوزعه اريدكم ان تحفظوا نسب سيدنا محمد. وهذا الحفظ وأنت في كلية الدعوة سيتبعه جزء آخر وهو أن تعلم الناس هذا. الناس لم تعد تعرف، والدليل على ذلك العلماء الذين في الأزهر الذين يحفظون القرآن لا يعلمون يا الله هل ستُنسى هذه المسألة أم ماذا؟ أنتم حملة
العلم، فمن الذي سيحمله غيرك؟ سيأتي الناس ليسألوك، فعلّموا الناس. هناك أمور كثيرة ناقصة نريد أن نعلمهم إياها. اكتبوها بشكل منظم، اكتبوا أعمامه في ورقة منفصلة واعملوا معهم هكذا حتى يحفظوها. واجعلوها مسابقة وانظروا من الذي أسلم من أعمامه، ومن الذي لم يسلم، لأن حمزة أسلم، والعباس أسلم، وأبو طالب أسلم على الرأي الراجح لكن فيها خلاف. وسيدنا من؟ حسناً. وسيدنا أبو طالب عند من قال إنه أسلم، حسناً. منهم الشيخ زيني دحلان في كتابه "أسنى
المطالب في نجاة أبي طالب" أورد فيه نحو ألف دليل على نجاة ابي طالب الف دليل أسنى المطالب في نجاة أبي طالب لأنه هذا محل خلاف بين العلماء مثل الخلاف الذي يخص سيدنا إسحاق وسيدنا إسماعيل وهكذا، حسناً. الأمور التي فيها خلاف لا تسبب مشكلة، لن نتجادل فيها. نتجادل في الأمور التي لا خلاف فيها لأننا نحافظ على هوية الدين، لكنني أريدكم أن تعرفوا عائلة النبي وها هو السؤال الثاني في الامتحان، ربنا يسهل يا رب أنهي المقرر الآن. وقد نجد غيرهم يطبع على بعض هذه الأخلاق دون جميعها. إن العجيب في سيدنا رسول الله هو البرنامج اليومي الخاص
به. هناك أناس يقومون الليل، لكن ليس هكذا، ليس كل ليلة، ليس كل الليل، كل ليلة كل ليلة. هناك أناس يفعلون الخير ولكن تأتي هكذا وتضعف في الوسط، أما أخي هذا فقد فعل كل شيء، وبعد ذلك الجزء الجميل الآن هو أن كل أحد يجد نفسه في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا لم يكن لبشر سواه. كل واحد سألته: من أنت؟ قال: أنا الرئيس الجمهوري، فقلت له: وهو ايضا كان رئيس جمهورية فقد كان الرئيس الكبير. أنت مَن؟ قال: أنا رجل على باب الله أرعى الغنم. قلت له: هو أيضاً رعى الغنم. أنت مَن؟ قال:
أنا مدرس. قلت له: هو كان يُدرِّس أيضاً. أنت مَن؟ قال: أنا مفتي الديار وحامي الذمار. قلت له: أيضاً هو كان مفتي الديار. أنت مَن؟ قال: إنني الآن أعمل تاجراً. قلت له: هو اشتغل بالتجارة مَن أنت؟ قال: أنا قائد الجيوش. قلت له: وهو كان قائد الجيوش. مَن أنت يا أخي؟ سبحان الله! قال رجل أعمال. قلت له: وهو كان رجل أعمال. مَن أنت؟ قال: أنا رجل أعبد ربي، يعني كافي خيري شري. قلت له: هو كان يعبد ربنا أيضاً. أنت من؟ قال: أنا رجل تزوجت ولم يرزقني الله من زوجتي بولد. قلت له: هو أيضاً كان كذلك، تزوج ولم يُرزق من زوجته
بولد. وأنت من؟ قال: أنا رجل رُزقت بولد. قلت له: هو أيضاً رجل رُزق بولد من امرأة، وهي السيدة خديجة. أنت من؟ قال: أنا رجل رُزقت بالأولاد بناتاً وبنين، لكنهم ماتوا. قلت له: هو ايضا اولاده ماتوا من أنت؟ قال لي: بل عاشوا. قلت له: هو ايضا اولاده عاشوا إنه أمر غريب وعجيب! يجد كل واحد منا مهما كان نفسه في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاللهم صلِّ على سيدنا النبي. هذا الجزء دقيق جداً ماذا هذا؟ إنه كل شيء. أنا حضرة القاضي وقلت له وهو أيضاً كان قاضياً: أنا رجل عملت وانتهيت وأُحلت على المعاش، وأعمل في العمل الخيري.
قلت له: "وافعلوا الخير لعلكم تفلحون". هو أبو الخير كله. أنا رجل أنشأت جمعية وهكذا. قلت له وهو أيضاً كان يقول لهم: أنا منكم مثل الوالد للولد، ما من أحد في أي مرحلة كان إلا رأى نفسه في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو الأسوة الحسنة. وقد روى سعد عن النبي أنه قال: "كل الخلال قد يُطبع عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب". وقال: "الخيانة بئست البطانة"، فلم يكن يحب أن يكون خائناً
ابدا ولذلك يقول الإمام السرخسي في المبسوط: "فإن كان في دار الكفر فأعطوه مالاً بطيب أنفسهم أخذه، ولا يجوز الغدر، فالغدر حرام". يا للعجب! يعني أنت تجيز قتالهم ولا تجيز الغدر بهم؟ قال: نعم، الغدر حرام. فلما هجم المغول على السلطان محمد الفاتح التركي وجاءهم من خلفهم وكان قادراً على أن يقتلهم حيث كانوا جاء من ورائهم
هكذا فوجد نفسه أنه قد أتاهم من الخلف ولو قتلهم قتلهم غيلةً وغدراً فأبى وأرسل إليهم: "على فكرة أنا وراءكم، أعطوني وجوهكم لكي أستطيع أن أقاتلكم". فأعطوه وجوههم وبدأت الحكاية. لم تنتهِ في ثلاث دقائق بل انتهت في أسبوع. عجباً لماذا لم تقتلهم؟ هؤلاء اعداؤك. هؤلاء كذا. لا إنه فارس نبيل مسلم لا يغدر، فعندما جاؤوا وسألوني عن الجندي الأردني الأمريكي
الذي قتل زملاءه، هذا غادر والله. فهناك من يقول لك: لماذا لا نقتلهم وحسب؟ أليسوا هم يقتلوننا؟ الغدر حرام، أي إسلام هذا؟ عندما فعل محمد الفاتح، هذا السلطان محمد الفاتح، بارك الله له وفتح الدنيا وذكره إلى اليوم على كل لسان والإسلام صورته صحيحة نفتخر بها جالسين نتحدث عنها، أرأيتم؟ بعد خمسمائة سنة، لو أنه فعل الشيء الآخر أو أي شيء لكان سيربح في هذه المعركة ولم يصبح له ذكر. هل نحن أصحاب قضايا أم أصحاب معارك جزئية؟ بل أصحاب قضايا، فعندما يموت مائة أو عندما أظهر أنني نبيل وفارس
نبيل، لا، بل عندما تُظهر أنت أنك نبيل وفارس نبيل ونستمر على ذلك، هل استطاع أحد أن يقضي علينا؟ لم يستطع أحد أن يهزمنا، المشركون واليهود والفرس والرومان والصليبيون والمغول والاستعمار الحديث، ضربناهم ونحن مستمرون في الزيادة. إذًًا ما أسسه السلف الصالح وما تركه لنا النبي من ميراث خير من عقول غير العقلاء وأهواء أصحاب الهوى، الحكمة خير كله، يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً في عقله. صلى الله عليه وسلم وهو أرجح العقول وأما
أصل فروعها وعنصر ينابيعها ونقطة دائرتها التي هي الأخلاق الحسنة، فالعقل الذي منه ينبعث العلم والمعرفة، ويتفرع عن هذا ثقوب الرأي وجودة الفطنة والإصابة وصدق الظن والنظر للعواقب ومصالح النفس ومجاهدة الشهوة وحسن السياسة والتدبير واقتناء الفضائل وتجنب الرذائل. ما الفرق بين العلم والمعرفة؟ من الذي يعرف الفرق بين العلم والمعرفة؟ قل لي يا أخي ما الفرق بين العلم والمعرفة. أنت تدور حول نفسك الآن، فأنت منقاد دائماً من لسانك. لماذا هذه فقط حسناً، فلتقل الخلاف. قل أي شيء. قل: إن العلم والمعرفة عند بعضهم
مترادفان، وادعى بعضهم أن العلم لا يسبقه جهل وأن المعرفة يسبقها جهل، ولذلك يوصف الله بالعلم دون المعرفة. هكذا، نعم. خفت أن تقول هكذا لئلا أقول لك أنت تهنتر. ما معنى هنترة؟ هذه كلمة معاياة. نعم، أجل، يعني كلمة معاياة يعني مثل كلمة حنشصة هكذا، طيب إذا العلم لا يسبقه جهل فهو عالم لأنه لم يكن جاهلاً ثم علم، والمعرفة يسبقها جهل. إذاً الراجح ماذا؟ أنهما مترادفان أم أنهما مختلفان؟ الراجح أنهما مترادفان لأن الشريعة نسبت
المعرفة إلى الله فقال: "عبدي تعرف إليّ في الشدة أعرفك". إذاً نسب المعرفة إلى الله اعرفك في الرخاء، فإذا طالما وردت النسبة من الشريعة إلى الله في المعرفة فهي والعلم سيان. نعم، يجوز. يمكنك أن ترد عليه وتقول له: لا، إن هذا ليس من باب الاستقلال بل من باب المشاكلة، كقوله تعالى: "ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين". والمكر لا يُنسب إلى الله لأنه يوهِم نقصاً وهكذا، وما المشكلة في ذلك؟ لا يحدث شيء. عليك أن تُعمِل ذهنك وايضاً تُنيروا عقولكم. اجعلوا عقولكم نيّرة. أأدعو لكم اللهم نوِّر قلوبهم وعقولهم.
آمين وقد أشرنا إلى مكانته منه صلى الله عليه وسلم وبلوغه منه ومن العلم الغاية القصوى التي لم يبلغها بشر. سواه وإذ جلالة محله من ذلك ومما تفرع منه متحقق عند من تتبع مجاري أحواله واطراد سيرته وطالع جوامع كلمه وحسن شمائله وبدائع سيرته وحكم حديثه وعلمه بما في التوراة والإنجيل والكتب المنزلة وحكم الحكماء وسير الأمم الخالية وأيامها وضرب الأمثال وسياسات الأنام وتقرير الشرائع وتأصيل الآداب النفيسة والشيم الحميدة إلى فنون العلوم التي اتخذ أهلها كلام النبي صلى الله عليه وسلم فيها قدوة
وإشاراته حجة كالعبارة والطب والحساب والفرائض والنسب وغير ذلك مما سنبينه في موضعه إن شاء الله تعالى دون تعليم ولا دراسة ولا مطالعة كتب من من تقدم ولا الجلوس إلى علمائهم بل هو نبي أمي لم يعرف بشيءٍ من ذلك حتى شرح الله صدره وأبان أمره وعلَّمه وأقرأه، يعلم ذلك بالمطالعة والبحث عن حاله ضرورةً، وبالبرهان القاطع على نبوته نظراً، فلا نُطيل بسرد الأقاصيص وآحاد القضايا إذ مجموعها ما لا يأخذه حصرٌ ولا يحيط به حفظٌ جامع، وبحسب عقله كانت معارفه صلى الله عليه وسلم. إلى
سائر ما علمه الله تعالى وأطلعه عليه من علم ما يكون وما كان وعجائب قدرته تعالى وعظيم ملكوته، قال تعالى: "وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما". حارت العقول في تقدير فضله عليه، وخرست الألسن دون وصف يحيط بذلك أو ينتهي إليه كل ما نصف به رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني هو أقل من الحقيقة، وغاية العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم. يعني ضاقت العبارة في مدحه، كالزهر في ترف، والبدر في شرف، والبحر في كرم، والدهر في همم. ويقول: دع
ما ادعته النصارى في نبيهم، واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف وانسب إلى قدره ما شئت من عظم فإن فضل رسول الله ليس له حد فيعرب عنه ناطق بفم. حقاً هذا أفضل بيت قيل في المدح، كأنه يقول له: لست قادراً على مدحك، ليس بإمكاني، "فإن فضل رسول الله ليس له حد فيعرب عنه ناطق بفم يعني اغلق اللغة، فكل من سيأتي بمدح فهو أدون من الواقع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلمه واحتماله وعفوه، وفيه أحاديث ثم
بعد ذلك في جوده وكرمه وسخائه وسماحته، وكان أجود الناس، وفي شجاعته ونجدته، وكان صلى الله عليه وسلم إذا اشتد الوطيس احتمينا برسول الله صلى الله عليه وسلم في حيائه وإغضائه، وفيه إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم، في حسن عشرته وآدابه وبسط خلقه مع الخلق، في شفقته ورأفته ورحمته، في وفائه وحسن عهده وصلته للرحم، في تواضعه صلى الله عليه وآله وسلم، ورفعه الله سبحانه وتعالى
عنده، في عدله وأمانته وعفته وصدق لهجته في وقاره وصمته في زهده، وكانت الدنيا في يده ولم تكن في قلبه، في خوفه من ربه وطاعته وشدته في عبادته صلى الله عليه وسلم. في بيان أن هذه هي صفات الأنبياء عليهم السلام، أي كان حريصاً المؤلف ألا يُحدث فتنة بين المسلمين وبين أتباع الديانات الاخرى فكلما ذُكِرَ شيئاً من فضائله مع علو رتبته على جميع الأنبياء ذكر أن هذا ومثله إنما هو من ديدن الأنبياء ومن أخلاقهم، وهذا يدل على أن المسلمين يؤمنون بجميع الأنبياء إيماناً
واحداً، لا يستطيع مسلم أن يتخلف أو أن يكفر أو أن ينكر نبياً واحداً وإلا كفر. ولم يكن مسلماً وهذا أمر هو صحيح دين الإسلام ذكر حديث في وصفه، وهذا الحديث هو لهند بن أبي هالة، وهو موضع الحفظ الذي سيأتي في الامتحان، وبعده تفسير غريب هذا الحديث ومشكله. فيكون لدينا حتى الآن سؤالان، ما هما السؤالان؟ سؤال هند بن أبي هالة هذا وسؤال أسرة النبي صلى الله عليه وسلم الذي
ان لم تعرفوا من هنا إلى المحاضرة التي بعدها ان تحضروها، سأضطر أن أحضر الكتاب وأوزعه على طلبة السنة الأولى ومن يحضر من طلبة السنة الرابعة والسيدات، وإنا لله وإنا إليه راجعون. كل عام وأنتم بخير، وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته