حديث الجمعة | الدكتور علي جمعة يوضح علامات ظهور الامام المهدي وما سوف يقوم به

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. في تفسير حديث جبريل، وهو جاءنا يعلمنا أمر ديننا، فيتكلم عما الإسلام وما الإيمان وما الإحسان وما الساعة وعلاماتها. نعيش هذه اللحظات في طريق المحجة البيضاء التي تركها لنا رسول الله صلى الله عليه. وآله وسلم عسى أن تتنزل علينا الرحمة والسكينة وأن
يحف مجلسنا ملائكة الرحمن سبحانه وتعالى وأن يكون هذا المجلس في ميزان حسناتنا يوم القيامة وأن يجازي ربنا عنا سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم خير ما جازى نبياً عن أمته وأن يقينا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يأخذ بأيدينا في الطريق إليه وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، اللهم سلِّم سلِّم. تحدثنا عن العلامات الصغرى والعلامات الوسطى ودخلنا في العلامات الكبرى وتحدثنا عن الأمثلة الممهدة لها من نخل بيسان ومن عين زغر ومن بحيرة طبرية، ثم بعد ذلك تحدثنا
عن المهدي وبداية من القرن التاسع الهجري. وخاصةً على يد ابن خلدون، بدأ المحدثون أو بدأ المفكرون في التشكيك في قضية المهدية، وذلك مما رأوا من الدعوات المتكررة الفاشلة في قضية المهدية. رأوا دولة الموحدين تنشأ، ورأوا في القرن الثاني محمد بن عبد الله النفس الزكية رضي الله تعالى عنه يعتبره الناس مهدياً، ورأوا قبل ذلك المختار. الثقفي وراءه بعد ذلك وهكذا فضاق
بهم الحال منهم ابن خلدون. وابن خلدون تكلم في نقد ما رُوي في شأن المهدي وأنكر كل ما ورد وتعلل بكل علة وخالف قواعد المحدثين وانتقى من كلام الناس، ولذلك أهمله الناس ولم يلتفتوا إليه، بل ألّفوا فألَّف الشوكاني التوضيح في تواتر ما جاء. في المنتظر والدجال والمسيح ألَّف ابن حجر الهيتمي وألَّف
ابن شاهين وغيرهم من العلماء كثير، وفي القرن الرابع عشر الهجري قام السيد أحمد بن الصديق بتفنيد كلام ابن خلدون فسمى كتابه "إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون"، أي أن هناك وهماً كامناً في كلامه لأنه لم يتبع القواعد. التحديث بل كان متضايقاً من الفكرة، وكلما ظهر شخص يدعي المهدية، كلما تكلم المفكرون: "ما الباب الذي يأتيك منه الريح سده واسترح"، فينكرون النصوص
من أجل هذا، من أجل التخوف من أن تُستغل، وقد استُغلت، وهذا لا علاقة له بالواقع ولا بالحق. الواقع أن النبي أخبر، والواقع أننا نرى. أن كلما أخبر به يكون الشيء الذي نساه الجميع هو أنه عندما يظهر المهدي تجتمع عليه قلوب أمة محمد، فلو ظهر شخص ولم تجتمع عليه قلوب أمة محمد فلا صلة لها به ولا معرفة، لكن هذا عندما سيظهر سيذهب إليه الناس جميعاً ويلتفون
حوله ويقولون له: نعم، أنت هو، فينظر إليهم. له هكذا هو يقول، هو أنت، لكن يجب أن يكون اسمه محمد بن عبد الله، نعم، ليس أي محمد يعني. فالمهدي ورد ولم ترد في روايات أهل السنة كلمة "المنتظر"، لم ترد "المنتظر" هذه، وردت في كلام الشيعة عندما اختفى - أو قيل هكذا - الإمام الثاني عشر محمد العسكري، فإنهم قالوا. أن هذا هو المهدي وأنه سيغيب غيبة صغرى وكبرى وأنه سيخرج في آخر الزمان وأنه المهدي الذي وردت فيه الروايات.
أهل السنة ليس عندهم هذا المعتقد. قالوا إنه دخل السرداب وغاب فيه وأنه لم يخرج بعد ذلك، وهذا أيضاً كان سبباً للمفكرين أن يجعلوا المهدية تحت ظلال الخرافة لأن الشيعة بالغوا. وتكلموا كلامًا ليس واردًا بصورة صحيحة عن الأمين الصادق صلى الله عليه وآله وسلم. ميزة أهل السنة أنهم يتعاملون بالقواعد العلمية الرصينة للرواية دراية ونقلًا، ولذلك فهم يتعاملون بأسس الفهم ويتعاملون بأسس النقل، فليس
عندهم فجوة بين صحيح المعقول وصحيح المنقول. درء تعارض العقل والنقل، لا يوجد بينهما تعارض مقبول. ولذلك فقضية المهدي معقولة المعنى مروية في النقل، وكل ما يتخوفون منه إنما هو من التجربة الحياتية وليس من إشكالية قائمة في ذات الأمر. وعلى ذلك فقصة المهدي مروية عن عشرين من الصحابة الكرام، وتفاصيل جسده الشريف
رضي الله تعالى عنه وأرضاه موجودة، وأحواله موجودة إلى آخره، وهناك علامات كلها. علامات فتن من الاقتتال عند الفرات، من خروج جيش يغزو الكعبة، من كذا وكذا إلى آخره. سلَّم الله حالنا في هذه الأيام التي كثرت فيها الفتن، ولكنها كلها فتن تؤكد كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتجعلنا أكثر تمسكاً بدين الله، ونقول كلما رأيناها: صدق رسول الله صلى... الله عليه وآله وسلم بعضها قد حكم الله وأذن بوجوده وبعضها ما زال في عالم الغيب لا نستعجله ولا نريده لأننا لا نريد
أن نعيش عصوراً كهذه العصور التي فيها الاختبار والابتلاء ونسأل الله السلامة ونجاة بلاد المسلمين كلها من كل فتن ومحن. والإمام المهدي عندما يخرج كأنه يكون في الأربعين ويمكث خمساً أو سبعاً وقيل أو تسعاً يعني خمس سنوات أو سبع سنوات أو تسع سنوات. الكلام الذي حول الإمام المهدي أنه سيحل المشكلات يظهر أنه ماهر في
الإدارة بشكل صحيح، سيحل المشكلات المالية والاقتصادية ومشكلة البطالة ومشكلات أخرى إلى آخره، هو سيحلها لديه من الأفكار والإبداعات بتوفيق الله له وبإلهام له رضي الله تعالى عنه، ما سيكون موفقاً من عند الله سبحانه وتعالى فتُحل المشكلات، فكلما حل المشكلات كلما أحبه الناس أكثر. بعد الفاصل نرى ما يكون. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. يظهر
الإمام المهدي يمكث نحو سبع سنوات يحاول فيها أن يأخذ بيد المسلمين في العالم وأن يخرجهم من مشكلاتهم، وينجحون في ذلك، وينجحون في جوانب كثيرة. الجانب الأول هو الجانب الاقتصادي، حيث ينظم الموارد وينظم المصروفات وينظم الإنتاج والعمل، حتى أنه سيفيض المال، وفيضان المال كلمة تعني
أننا نذهب بالزكاة لمستحقيها. فلا نجدهم تعني الكفاية أن الناس قد اكتفت، أين الفقير؟ لا يوجد فقير، ما هذا؟ غريبة هذه، هذه علامة عجيبة، لا يوجد أحد محتاج. هذه الحكاية حدثت أيام سيدنا عمر بن عبد العزيز، أمسك الزكاة ووفّى بها على الناس. يا جماعة، لا يوجد أحد في ضائقة. قالوا له: الحمد لله نحمده. حسناً. هل هناك شابات يردن الزواج فنقوم بمساعدتهن ونقدم لهن المهر والمستلزمات؟ قالوا له: لا، ليس معنا. طيب، هل هناك أحد عليه ديون؟ قال: لا، لا يوجد. حسناً، هل يوجد في المدينة؟ لكن هل يوجد في مصر؟
قالوا: ولا في مصر. طيب هل يوجد في العراق؟ قال: ولا في العراق. نعم. هذه دولة غنية، هذه ليست غنية فحسب، بل غنية بصورة لافتة للنظر. هذه الصورة التي لا يوجد فيها أحد محتاج وليس من أهل الزكاة. هذا الكلام سيعود مرة أخرى. سيدنا عمر بن عبد العزيز كان الناس قليلين، عدة مئات الآلاف في العالم كله، لكن سيدنا المهدي... يتعامل مع مليار ونصف، فتكون الآية الكريمة أظهر وأوقع. جميع هؤلاء سيخرجون من حد استحقاق الزكاة. ياه! ماذا فعل هذا؟ ما هذه العبقرية التي جعلته... إنه
توفيق الله. سيمنع الكوارث، ربنا سيمنع عندنا الكوارث، سيبارك في المال، ولن يسلط علينا الأوبئة ولا سيسلط علينا من لا يخافه. ولا يرحمه، لا، لن يسلط علينا هكذا، فالأمور ستسير سهلة جميلة. مصر هذه، ماذا قال عنها نوح؟ كان يدعو للحفيد لأنه آمن به فقال: "اللهم أسكنه في أم البلاد وغوث العباد". ثم يأتي عام فيه يُغاث الناس وفيه يعصرون، يصنعون عصيراً أيضاً. مصر أعطت العالم عندما
كان هناك عالَم وعام. الرمادة خرج المسلمون هناك في الحجاز من أين؟ من مصر. أرسلنا لهم قافلة ذهبت بالطعام والشراب مباشرة لإنقاذ إخواننا في الحجاز. ثم يعود الخير مرة أخرى هنا. ألا نجد الآن الشباب المجرمين الذين يبنون على الأراضي الزراعية، وعندما نأتي لنخاطبهم يقول لك: "حسناً، ماذا أفعل؟ ابني يريد..." أزوجه كل واحد يرى نفسه هكذا فقط ولا يعتبر نفسه أنه ارتكب جريمة أو شيئاً، هذا ملكي، وهو لا يعرف أن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة، لا أحد أخبره بذلك. أسأل الله أن يلقي في القلوب السكينة ويجعل
صاحبنا هذا الذي يريد أن يضيع الأرض الزراعية يذهب ليستصلح أرضاً زراعية. ثانية ولا يضيعها، قم لتجد عندنا اكتفاءً. الجماعة في السودان يزرعون هذه المنطقة من السودان، فقمحها يكفي العالم ويكفي السبعة مليارات، يُطعمهم كيكة. أتعرف الكيكة؟ نعم، من هذا الشيء. قم واجعل لديهم همة أن يفعلوا هكذا، فتتغير وجهة ما نتعجب منه. لدينا أموال ولدينا. لدينا بترول ولدينا أرض ولدينا بشر ولدينا ولدينا ولدينا، ما المشكلة؟ إن الله قد شغل كل قلب بما شغله به. حسناً، افترض أن ربنا شغل كل هذه القلوب بالصلاح فقط،
حينها تعال واجرِ ورائي يا أمريكا يا روسيا يا من لا أعرف ماذا، انظر من طنجة إلى جاكارتا. ومن غانا إلى فرغانة أنهم يعملون ويجتهدون من قلوبهم. ماذا سيحدث؟ سيحدث الكثير. وهذا ما سيفعله المهدي. كيف سيفعله؟ لن يفعله ولا علاقة له به. إن الفاعل هو الله. إياك أن تظن أنه يفعل شيئاً، فهو سينظم الأمر، وسيجد الدنيا تسير معه، وسيجد الدنيا تحبه، والله يلهمه. ليس هو وحده. ويوفقه، فالقضية ليست بعيدة ولا شيء عن الخيال ولا عن أي شيء آخر. تخيل في سنة السودان هذه أنتجت القمح
وانتهت، وصدرنا القمح إلى من؟ إلى كازاخستان التي تُصدّر لنا الآن. كازاخستان هذه أكثر البلاد إنتاجًا، لكننا سنصدّر لها من عظمة ما هنالك وما تحت أيدينا. الإمام المهدي. سيجلس سبع سنوات، وفي نهاية السبع سنوات ستأتي العلامة الثانية، فتنة عارمة في العالم كله، يتزعمها شخصية عجيبة غريبة تخاطب عقليات تافهة، اسمه الدجال. وسيقول عن نفسه أنه المسيح. لماذا يقول عن
نفسه أنه المسيح؟ لأنه يقول أنا الله، فسمي بالمسيح الدجال. مسيح هو يدّعي أنه مسيح لكي يقول. للناس ويخدعهم. على فكرة، أنا ربكم. فتقوم الناس وتقول: نعم. فيصبح الذين كانوا يقولون إن عيسى هو الله على صواب. المسيح الدجال هذا سيظهر أربعين يوماً وسيدخل كل بيت، الحديث هكذا. كيف سيدخل كل بيت؟ ماذا يعني؟ الأربعين يوماً لا تكفي. إذن سيدخل عبر التلفزيون والإنترنت وفي... في الفيسبوك وفي تويتر وفي يوتيوب وفي إنستغرام وفي أي
شيء تريده، سيدخل كل بيت. كيف؟ عندما تفتح القنوات الفضائية تجده أمامك. كلامه مقنع لمن؟ لصاحب العقل الطفولي. من هو صاحب العقل الطفولي؟ إنهم أصحاب عقول داعش وغيرها وكل هذه الجماعات الإرهابية. لماذا؟ لأنه سيظهر لهم مثل الساحر. سيقول للسماء انظري هكذا وأمطري بإذن ربك، ويرفع يده هكذا نحو السماء فتمطر. فيقوم الآخرون ويصيحون هييي من السفه المنتشر. ألا إن النبي، هذا النبي ماذا يقول؟ "لم يأتي نبي إلا حذّر قومه من فتنة
الدجال". ليس هذا مقياس الحق، أخرِجوا عقولكم من ظلمات الترهات إلى الحق المبين الذي هو أوضح وأجلى. من البينات وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد، فسيقول لهم: ثم ينظر إليها هكذا في التلفزيون وأنت تراه، طيب قفي هكذا. فأنت تتشكك وتقول: الله! كيف يفعل هذا الرجل هكذا؟ فيقول لك: طيب دعنا من ذلك، ما رأيك؟ نعم. اطلعي (وهي شجرة) ويجعل يده هكذا، فالشجرة تطلع وتنبت. كيف صنع هذا؟ إنها شجرة الجوافة، فيقول: دعيكِ مستوردة محلياً، فتُصنع مستوردة محلياً على الفور. يقول لك بعد ذلك: ألا تريد أن
تعرف أن هذا من الله؟ فهو يصنع كل شيء. ماذا سيفعل لكم أكثر من ذلك؟ فأنت قلت: ربما هي حيلة، فذهبت راكباً الطائرة ومتجهاً إليه، فالنبي حذرك. وقال إذا سمعتم به لا تأتوه فلم يأته أحد إلا فُتِنَ به. يبقى من ساعة ما ستركب الطائرة وأنت مفتون يا حلو. أغلق التلفزيون وقل حسبنا الله ونعم الوكيل، سيؤتينا الله من فضله ورسوله. هذه الحكاية سنكملها مع بعض، كل هذه العلامات التي حذرنا ونبهنا إليها رسول الله عسى أن لا تحدث في عصورنا ولا في عصور أبنائنا ولا أحفادنا ولكنها حادثة لا محالة في وقت يختاره الله. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.