حديث الجمعة | درس في علم اصول الدين والتوحيد والفقه

حديث الجمعة | درس في علم اصول الدين والتوحيد والفقه - عقيدة, فقه, مجلس الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع محجة رسول الله البيضاء التي تركها علينا ولنا، نسير عليها حتى يرضى الله عنا. لك العتب حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله. نعيش هذه اللحظات وقلوبنا تدعو لرسول الله صلى الله. عليه وسلم أن يرزقه الوسيلة
والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة وأن يجزيه عنا خير ما جزى نبياً عن أمته وأن ينفعنا به وبعلومه في الدارين آمين. مع حديث جبريل رأينا أن الله وفق المسلمين في إنشاء علم يحمي جانب الإيمان والتوحيد وسُمي بعلم أصول الدين وبعلم التوحيد وبعلم الأصول وبعلم الكلام. في أسماء متعددة وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى، ووفق الله المسلمين أن ينشئوا تخصصاً لحماية
الإسلام في بيان الأحكام الشرعية للأفعال البشرية، وسمي بعلم الفقه. ولما أتى الإمام الشافعي تأمل في هذا العلم، في علم الفقه، ونظر نظرة متعمقة فيه، ووجد أن الأئمة من قبله قد عالجوا أحكاماً كثيرة. لقد استقصيت أفعالاً كثيرة حصرت مسائل علم الفقه، فوجدت أنها نحو ألف مسألة ومائة وسبعين ألف
مسألة، أي مليون ومائة وسبعين ألف. يعني أن الفقهاء سُئلوا مليون سؤال ومائة وسبعين ألف سؤال عن الأفعال البشرية. ولكي نضبط العدد، نقول مليون ومائتي ألف، فيكون واحد واثنان من عشرة من المليون، موجودة تحت أيدينا الآن في فقه الحنفية وفي فقه ابن شبرمة وفي فقه الطبري وفي فقه الشافعي وفي فقه الإمام مالك ومدرسته والأحناف ومدرستها وهكذا كل الكتب. وعندما نأتي لنعدها، ماذا نجد؟ مليوناً ومائتي ألف. لم يترك الفقهاء الأمر هكذا، بل
نظّموه فجعلوا هناك أصولاً للمسائل وجعلوا أصول المسائل. في أبوابٍ وجعلوا الأبواب في كتبٍ وجعلوا للأبواب فصولاً وتحت الفصول مباحث، فقسّموها. تدخل هكذا وأنت تقرأ فترتاح. وعرّفوا الكتاب، ما هو الكتاب؟ قالوا: جملة مختصة من العلم. انظر إلى التعريفات لأنها تبيّن لك كيف
يفكرون وتبيّن لك ما الذي حدث مما لم يذكروه صراحة. عندما تعيش معها، عِش مع هكذا لا تستمع وانتهى الأمر. تأمَّل، فكِّر، تدبَّر، تعمَّق. الكتاب جملة مختصرة من العلم، فإذا كان العلم واسعاً (مليون ومائتين)، فخذ بعضاً منه وضعه في كتاب. جملة مختصرة من العلم اختُصِرَت، اجعلها شيئاً خاصاً وحدها، في وعاء منفصل، تشتمل على أبواب، والأبواب تحتوي على فصول. انظر إلى التعريف، ما هذا؟ الكتاب جملة مختصرة من العلم، وعندما تذهب لتؤدي
الاختبار الشفوي، فيقول لك المُمتحِن: عرِّف الكتاب، فتقول له: "الكتاب... الكتاب الذي هو الورق هذا الذي هو الجلد"، فستسقط في الامتحان مباشرة. فمتى يعرف أنك قد ذاكرت؟ عندما تجيبه بفهم ووعي، لا عن حفظ وتلقين. الكتاب جملة مختصرة من العلم. عندما تقول ذلك، فهذا هو الكتاب. ينبغي عليك أن تكمل وتقول: "تشتمل على أبواب، والأبواب على فصول". هذه سهلة. أي: "تشتمل على أبواب، والأبواب على فصول". وإذا قلت: "والفصول على مباحث"، فهذا أفضل ولا يحدث شيء. ولكن إذا توقفت عند "فصول"، فسوف ينجحك في الشفاء. ها هو. هذه الأمور لا تُكتب. هذه الأمور يريد أن يرى كيف ذكرتَها، ولماذا ذكرتَها،
ومتى ذكرتَها، وماذا ذكرت. فالكتاب جملة مختصرة من العلم يشتمل على أبواب، والأبواب على فصول، والفصول على مباحث. لا مانع أن يقول لك: إذاً ما تعريف الباب؟ كفى، لقد عرفناه. وأنت عندما يقول لك الشيخ... هكذا قم فاستشره بقلبك وأشر بيدك، قال أي أنه متمكن، أي أننا فهمناها بوضوح. يقول لك: نعم، تعرفني. أما أنا، فقل لي، تقول له جملة مختصرة من العلم تشتمل على فصول، يعني هكذا الأمر، ما يُسهِّل الأمر؟ طيب، وما هو الفصل؟ إنه يقول لك هكذا لكي يعلمك. حسناً، ما دام إذا كنت تريد أن تنهي هذا الامتحان وأنت حافظ، فعليك أن تقول له جملة المختصات وتشير بيدك هكذا، يجب أن تشير بيدك هكذا. نعم،
جملة مختصة من العلم تشتمل على مباحث، لكن كلمة "جملة مختصة من العلم" الأولى وحدها لا تكفي لأنه سيسألك ماذا تعني بالكتاب. ولا باب ولا فصل ولا كذا إلى آخره، وما غرضه من هذا الكلام؟ مات، هيا نمضي بشكل مرتجل هكذا. قالوا: لا، غرضه ترتيب الذهن، غرضه العقلية المميزة، غرضه أن تعرف كيف تقرأ القرآن، غرضه ألا تصبح مثل داعش أو الإرهابيين، هذا هو غرضه تماماً، دخلوا في جملة غير مختصة. من العلم فتاهوا، ثم لكي لا يضلوا، ابتدع من ذهنه طريقة لعدم الضلال. فلاحظوا الفرق بين من أسس ومن رسخ
ومن نقل، وبين من أفسد وضيع. إنه فرق كبير. ولذلك أصحاب داعش والإرهابيين يقولون لنا: "لماذا لا يكون معنا علماء السوق؟" فنقول لهم: "والله لا أحد أسوأ منكم، وليس..." معكم لأنْ نتعلم، ولسنا معكم لأننا عارفون، ولسنا معكم لأنكم بيتٌ تخلطون الأمور. جماعة الماليزي وإندونيسيا وهكذا، يقول لي: ما معنى "تخلطون"؟ هذه ليست موجودة في العربية. "تخلطون" تعني أنكم تخلطون الأمور بعضها مع بعض، أي أنكم لستم جيدين، وأنتم لا تسيرون بما يرضي الله. فماذا عن الناس؟
كيف سارت كلها وراء العلماء لأنهم شعروا أن هذا الكلام يخرج من مشكاة النبوة والكلام الآخر يخرج من مشكاة الضلال. الفرق بينهم "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا". هذا نمط لا يجدون فيه اختلافاً وذاك نمط كله اختلاف من أوله إلى آخره. الكلمة التي من الكلمة التي من هنا والكلمة التي من هنا وتصنع في عقلك شيئاً ليس عليه أهل العلم، فهذه هي العلة. هذا هو الفرق بيننا وبينهم، وهو حماية سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من التشويه. وهذا هو الهدف من قول سيدنا النبي: "الخوارج كلاب أهل النار". كيف يكونون
مسلمين إخوة؟ لقد تعدوا علينا ولكن ضلالهم يكمن في أنهم أفسدوا القاعدة وأتلفوا المفتاح. كيف ستفتح هذا الباب والمفتاح قد تلف؟ الأداة تلفت، خُسِرَت، ذهبت، ضاعت. ولذلك يؤلمنا جداً ما يفعلون ونصبر عليهم عسى الله أن يهديهم على أيدينا. آمين يا رب العالمين. بعد الفاصل نواصل. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، عرفنا أن الكتاب جملة مختصة
من العلم تشتمل على أبواب، والأبواب تشتمل على فصول، والفصول تشتمل على مباحث. وعرفنا أيضاً أن الباب هو جملة مختصة من العلم تشتمل على فصول، والفصول تشتمل على مباحث. وعرفنا أن الفصل جملة مختصة من العلم تشتمل نعرف الآن أن مباحث جمع مبحث، وما المبحث؟ المبحث هو المسألة، وما المسألة؟ أول شيء يسأل فيه سيدنا الشيخ يقول لك: قل لي ما أبحث هذا من أي أنواع المشتقات؟ حسناً، وما علاقتنا بالمشتقات؟ دعها هكذا
بدون تعقيد، أي اتركها هكذا بدون ضابط. ولا رابط منطقي لكل هذا النحت الذي صنعه المصريون. نعم، "سبهللة" هي نحت، وأنت لا تعرف من أين أتى الناس بهذا الكلام. نعم، هذا اسمه نحت. "سيبها على الله" تعني أن العلم عند الله، فعبارة "سيبها على الله" هذه تعني "سبهللة"، يطلقون عليها "سبهللة" كنحت. ولكن "هبوا لي"، "هبوا لي" أهبها لله أي أتركها على الله أيضاً، فإذا كان العلم ليس هكذا مباحاً، ها هو نوع من أنواع المشتقات. لماذا يقول لي هكذا؟ حتى آخذ حذري. "إنما يخشى الله من عباده العلماء"، إن كلمة العلماء جمع عليم وليست جمع عالم،
وأن العلماء معناها المتبحر في العلم وليس الذي سيعرف معلومة اثنان يكون الخشية هنا جاءت عندما تمكّن من العلم، تمكّنه من العلم كيف يجعل العلم لوجه الله، أو حينها يكون عالماً وينتقل من دور العالم إلى العليم لأنهم ربطوه بالله. "إنما يخشى الله من عباده العلماء"، فأنت تفهم النص عندما تقول العلماء جمع عالم، أنت غير راضٍ أن تفهم. النص بعمق فجلس يسألني هكذا لكي يدرب ذهني -يا حالي- على أن أعرف اللغة بعمق. بحث ومسألة من أي نوع من أنواع المشتقات يجب أن تقول له مصدر ميمي، مصدر
ميمي. ثم ينقلك إلى مكان آخر لكي يجعل العلوم كجملة واحدة، ولا يجعلك متخصصاً في النحو فقط، فيأتي ليسألك في ليس تخصصي الفقه، ولكن عندما يسألونك في النحو تقول: "ليس هذا تخصصي". لا، هو يريدك إنسانًا واعيًا بما تسمع، وأن تجعل الوعي قبل السعي. المصدر الميمي ماذا يفيد؟ أليس كافيًا أنني عرفت أنه مصدر ميمي؟ لا، ماذا يفيد إذن؟ تقول له: يفيد الدلالة على الزمان والمكان والحدث. وتجعلها يدك هكذا، هو قال اليد هذه عندما تجعلها هكذا، هو قام، ماذا يعني؟ هل تعرف أن تتكلم؟ ماذا أصبح يدل على؟ دلالة لا
تفعلها في الوقت بالضبط، هل انتبهت؟ لكن ليس قبلها هكذا، نعم ليس هكذا، أنت هكذا تكون تلوح في وجهه، لا للدلالة على الزمان والمكان والحدث وتفعل. هكذا يعني كأنك ماذا؟ مسرور بأنك تعرف هذه المعلومة، وماذا ستُفيد في النهاية؟ يعني مكان البحث وزمان البحث ونفس البحث اسمه مبحث، ومكان السؤال وزمان السؤال ونفس السؤال اسمه مبحث، اسمه مسألة، وهكذا. المصدر الميمي يدل على الزمان والمكان والحدث. قم عندما تأتي لتقرأ أنهم اتخذوا قبوراً.
أنبيائهم مساجد، على الفور تسأل نفسك: "مساجد" هذه جمع ماذا؟ وأنت هكذا، وتشرب لك كوبًا من الشاي وتفكر: مساجد جمع مسجد. حسناً، ومسجد هذا أي نوع من أنواع المشتقات؟ انظر إلى الترتيب المنطقي الآن، انظر إلى من يُرتب وانظر إلى من لا يُرتب. مسجد أي نوع من أنواع المشتقات؟ عندما تسترجع ذلك، ما الذي يدل عليه؟ يدل على الزمان والمكان والحدث. أي ما هو مكان السجود وزمان السجود ونفس السجود. مكان السجود: اتخذوا قبور أنبيائهم مكاناً للسجود، نعم، أي أنهم عبدوا ما فيها. نعم، من هنا جاء
اللعن. نعم. وليست مساجد، يعني مثل سيدنا الحسين؟ لا، مساجد، وليست مثل الحسين: طيب، هل يصح أن نقول هذه مساجد؟ نعم، يصح أن نقول مسجد سيدنا الحسين، أي منسوب إلى الرأس الشريفة المدفونة في مسجد سيدنا الحسين. قال تعالى على لسان من وجدوا أهل الكهف: "لنتخذنَّ عليهم مسجداً". فهل كانوا كفاراً هؤلاء أم فُسّاقاً أم ماذا؟ هناك تناقض هنا، فهو يقول لك مسجداً، فإني لم أعرف هذا الجزء، سيكون هناك تناقض. حسناً، ولو عرفته، تعلم أن المنهي عنه هو السجود لمن في القبر. حسناً، وهل عَبَدَ أحدٌ من المسلمين
رسول الله؟ رسول الله منزّه عن أن يعبده أحدٌ من المسلمين. فهل المسلمون - عليك أن تسأل نفسك هكذا - أتقياء أنقياء خُلَّص من ضل ومنهم من أنشأ ديانات من تحت عباءة عنوان الإسلام وكفر وضل وأضل، ولم يعبد محمداً أحدٌ. الله لا يوجد شخص واحد مجنون قام وقال: هذا محمد، سنسجد له، أو أنه ربنا، أو حل فيه ربنا، أو أنه دخل فيه شعاع من الله، أو أي. تخيلوا لو أن أي شخص مجنون جاء
وقال كيف أن الله هو الذي فعل هذا. بمعنى أن كلمة "مسجد" عندما وصلت إلينا على أنها مصدر ميمي، أفادتني بمعجزة لا ننتبه إليها. إننا لا ننتبه أنه لم يعبد أحد محمداً، بينما يوجد أناس عبدوا سيدنا علي بن أبي طالب، وهي طائفة وهناك أناس كما يُحكى عبدوا الحاكم بأمر الله الفاطمي، وظهرت مجموعة من المتألهين في التاريخ الإسلامي كُتب عنهم أنهم ادعوا الألوهية. يا سبحان الله! لم يعبد أحد محمداً على سبيل الضلال، ولا حتى على سبيل السفاهة، أبداً. من أين جاء
هذا إذن؟ قم وأفق من غفلتك كلما سرت. مع القواعد كلما يتفتح ذهنك هكذا وتجد المعجزات، وكلما تسير مع الجهل تجد نفسك في كآبة وضلالة، والأمور ليست راضية أن تسير. لقد تركونا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك. بإذن من؟ الله. بتوفيق من؟ الله. ولا حول ولا قوة إلا بالله. مليون. ومائة ألف فرع فقهي قسَّموها في الكتب جملةً مختصة من العلم تشتمل على أبواب، والأبواب على فصول، والفصول على مباحث، وبعد ذلك
ابتدؤوا ينظمون المليون ومائتي ألف الكثيرة، فذهبوا وقالوا: حسناً، ما رأيكم أن نجمع كل فروع معنى معين؟ فكان عندنا شخص اسمه الدباس من الحنفية بدأ هذه المسألة وذهبوا. جمعوا المليون ومائتين ألف فرع في حوالي خمسين قاعدة، ثم جمعوا الخمسين قاعدة في خمس قواعد وقالوا: هذه هي جوهر الشريعة، العقل المفكر الذي
إذا أردت أن تدرك الشريعة، فعليك بهذه القواعد الخمس. قلنا له: "هذه القواعد الخمس، ألا تملكون شيئاً مدوناً لنحفظه للحلقة القادمة؟ الخمس المحررة قواعد مذهبي للشافعي ليس الإمام الشافعي فقط، بل كل المذاهب تقر بأن "الضرر يُزال" و"العادة محكمة" وكذلك "المشقة تجلب التيسير" و"الشك لا يُرفع به اليقين" و"خلوص النية إن أردت الأجر". وفي الحلقة القادمة سنفسر القواعد الخمس الكريمة. والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاته.