حديث الجمعة | علي جمعة يتحدث عن المهدي المنتظر وعلامات ظهوره | الحلقة الكاملة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع هذه اللحظات التي نرجو الله فيها أن يجعل هذا المجلس مجلس علم تحفه الملائكة ويكون لنا ثوابًا في ميزان حسناتنا يوم القيامة، وأن تتنزل السكينة من عنده والرحمة من حوله،
نسير نحو المحجة. البَيْضَاءُ التي لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لا يَزِيغُ عَنْهَا إِلا هَالِكٌ مِمَّا تَرَكَهُ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. فَاللَّهُمَّ يَا رَبَّنَا جَازِ سَيِّدَنَا النَّبِيَّ خَيْرَ مَا جَازَيْتَ نَبِيًّا عَنْ أُمَّتِهِ، وَآتِهِ سُؤْلَهُ، وَارْزُقْهُ الْفِرْدَوْسَ الأَعْلَى فِي جَنَّةِ الْخُلْدِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ آمِينَ. كَمَا ذَكَرْنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ. عليه وآله وسلم نبّهنا إلى الساعة، فبعد أن ذكر
في حديث جبريل معنى الإسلام ومعنى الإيمان ومعنى الإحسان، سأله ليعلّمنا أمر ديننا عن الساعة متى هي. ولأن الساعة استأثر الله بعلمها، فلا يطّلع عليها نبي مرسل ولا ملك مقرّب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر هذه الحقيقة لجبريل وللأمة. كلها وأنه لا يعلم وقتها إلا الله، قال جبريل في الحديث:
"فما علاماتها؟" يعني إذًا العلامات سهلة، علامات عندما تحدث فالإنسان أولاً يوقن بصدق خبر الصادق صلى الله عليه وآله وسلم. كلما رأينا علامة من العلامات وتذكرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها لنا نقول: "صدقت يا سيدي". يا رسول الله وتكون المعجزة بالإنباء بالغيب مستمرة إلى يوم الدين، ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر به. فلما
تأمل العلماء ذلك جعلوا العلامات على ثلاثة أنحاء: علامات صغرى بدأت بالفتن التي حدثت عند الصحابة، بدأت بهذه الاغتيالات الآثمة التي اغتيل فيها عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه على يد المجوسي، والذي كان يسأل حذيفة عن الفتن خوفاً من أن يقع فيها، فكان يقول له: "يا عمر، بينك وبينها باب". فيقول عمر: "أيُفتح
الباب أم يُكسر؟" وهو يستشعر في قلبه أن شيئاً ما سيحدث. "أيُفتح الباب أم يُكسر؟" قال: "بل يُكسر". ففهم عمر رضي عنه ورضاه أنه مقتول حتى سمي عند المسلمين بشهيد المحراب لأنه قُتل وهو يصلي في المحراب فأصبح شهيداً للمحراب وفي المحراب، وقُتل عثمان وهو يقرأ كتاب الله بيد من سمّوا أنفسهم بالثوار وهم خارجون نبّه
عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، وقُتل سيدنا علي وكان باباً. لمدينة العلم حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا مدينة العلم وعلي بابها"، فإذا أردت أن تدخل إلى مدينة العلم فمن طريق علي عليه السلام ورضي الله تعالى عنه، حتى منَّ الله سبحانه وتعالى عليه بأن جعله أصل أهل البيت، الحسن والحسين والسيدة زينب، وجعله زوجاً لابنته صلى الله عليه وآله وسلم، علي رضي
الله تعالى عنه وأرضاه وكرّم الله وجهه وعليه السلام، ثم بدأ الملك العضوض من يزيد لأن معاوية كان في الخلاف، لم يأخذ الأمر من أبيه، الذي بدأ الملك العضوض هو يزيد، وكانت هذه علامة، والعلامات الصغرى تمت في القرن الأول الهجري وظهرت الفرق وتنازعت. ظهرت فرقة الخوارج في سنة سبع وثلاثين وقُضي عليها سنة اثنتين وثمانين،
وكانت كالخوارج الذين نراهم في عصرنا هذا، حتى إذا ما قُضي عليهم انطلقت الحضارة الإسلامية شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً، وبُنيت العلوم والآداب والفنون التي وُصفت بأنها إسلامية بعدما تخلص الجسد المسلم من الخوارج الملعونين، لم يستطيعوا. أن يفعلوا شيئًا في نحو خمسين سنة من جراء هؤلاء الخوارج الملاعين لأنهم شوَّهوا الإسلام والمسلمين وفهموا النصوص على غير ما هي له وأنكروا
ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم رحمةً للعالمين وكان يقول إنما أنا رحمة مُهداة. والقسم الثاني علامات القيامة الوسطى وتكلمنا عنها وأغلبها مظاهر فساد. أن تخرج النساء من غير حجاب، وأن يترك الناس الصلاة، وأن يستهينوا بالمعصية، وأن تشيع فيهم الفاحشة والربا والكذب، وهكذا. وقد عدوها
أكثر من سبعين علامة، ولم يكن العالم الإسلامي باتساعه هكذا كما كان في القرن التاسع عشر، ثم في القرن العشرين، ثم في القرن الواحد والعشرين، وكل يوم يأتي بعلامات هي أشدّ مما كانت أول مرة، وتكلمنا في هذا المعنى، ثم تكلمنا عن العلامات الكبرى وقلنا إنها على ثلاثة أقسام: قسم تمهيدي، وقسم في الوسط، وقسم في النهايات. أما القسم التمهيدي فأخرج
الإمام البخاري عن تميم الداري في حديث الدجال، وأيضاً في هذا القسم التمهيدي الأول نحن الآن دخلنا. في الكبرى ثلاثة أقسام: قسم في الأول سنسميه نحن التمهيدي، سمِّه أنت القسم الأول من الجزء الثالث كما تشاء، وقسم في الوسط، وقسم في النهاية. حسناً، القسم الذي في البداية في حديث تميم: تبرية تجف أو يقل ماؤها، الأمر الثاني:
تمر بيسان ينتهي والشجر أو النخل. لم يعد يطرح تمراً من النوع الثالث، وانخفض منسوب عين زغر انخفاضاً ملحوظاً وشديداً، وتحدثنا عن كل ذلك، وبعد الفاصل سنرى ما يوجد في وسط العلامات. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله
والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. بعد الاحتلال الإسرائيلي الغاشم لأراضي العرب والمسلمين والمسيحيين خربت بيسان حتى أنهم صنعوا مدينة جديدة تشبه نيويورك واسمها نيو بيسان أي بيسان الجديدة، وبيسان القديمة لم يعد نخلها يطرح بلحاً. بعض الناس أخذ من هذا التمر وذهب يزرعه في أماكن أخرى، ويأتي إليك قائلاً: "هذا نخل بيسان". وهو في الحقيقة ليس نخل بيسان، بل
هو نخل أماكن أخرى، هذا البلح هو بلح بيسان حقًا، هو تمر بيسان في أصوله وليس في إنتاجه الآن، ومنه تمر يُقال له المجذول. الشاميون يعرفونه بالمجذول، ويُقال له المجهول لأنهم جهلوا اسمه. أرأيت كيف أن هذا الأمر جاء من هنا؟ فسمّوه المجهول، ثم أطلقوا عليه المجدول. بيسان خربت بعد الاحتلال. الإسرائيلي الغاشم عام ألف تسعمائة ثمانية وأربعين وانتهى أمرها في سنة تسع
وسبعين، غارت بحيرة طبرية حتى تحرك الإسرائيليون فاحتلوا جنوب لبنان من أجل المياه. يكتبون هكذا ويقولون لك من أجل مياه. هو من أجل طبرية، لأن طبرية في سبتمبر تسعة وسبعين غارت إلى أدنى مستوياتها، وعين زغر وهو اسم. البحر الميت سُمي كذلك لأنه كان هناك قديماً قرية اسمها زغر تطل عليه، فيقال لهذا عين زغر. وقد بدأ البحر الميت في الانحصار، حيث انحسر الآن بمقدار حوالي ألف متر، أي نقص
بمقدار كيلومتر تقريباً. بالطبع البحر الميت لا توجد فيه حياة سمكية أو بحرية لأنه غني بالثروات في باطنه من خيرات الله موجودة في القاع تحت كنز، ولذلك ليست له موارد أيضاً، ومن أجل أنه ليست له موارد فنسبة الملوحة فيه شديدة جداً لدرجة أنه لا توجد حياة سمكية أو حياة مائية فيه، وهو الآن آخذ في الانحصار. عين زُغَر يعني الثلاثة الذين تم السؤال عنهم من قِبَل الدجال أنتم ما زلتم تأكلون من بحر البلح
أو تمر بيسان؟ قال له: نعم. قال له: أو شكا؟ قال: لا، يعطي تمراً وقد كان، وما زلتم تشربون منه، وكل شيء كذلك في أمان الله. قال له: نعم. قال له: لا، ستغيض، لن تستطيعوا أن تشربوا منه. وما زالت عند زغر كما له: نعم، قال له: لا، هذه ستنزل. ففرح النبي بتميم جداً وأتى به وقام للناس وقال: "استمعوا إلى تميم فإنه يحدثكم كما حدثتكم". سيدنا الرسول قال لهم هذا الكلام كله قبل أن يأتي تميم ويقول هذا الكلام الذي فعلاً رآه من خلال
تجربة البحر ولقائه بهذا اللعين. إذاً فالتمهيد انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم والعلامات لها وسط وقلنا إن من وسطها المهدي وذكرنا أوصافه وقلنا كيف أنه كان فتنة لكثير من الناس قديماً وحديثاً وذكرنا فتنة الحرم المكي الذي اعتدوا فيه على الحرم فأسالوا الدماء بغير حق ونالوا من الله ما يستحقونه وأن المهدي
هو أمير قائد من قائد المسلمين وعلامته واضحة، فبالإضافة إلى اسمه ومولده وصفاته الجسدية، إلا أن هناك أمراً لم يلتفت إليه كثير من الناس وهو أن الله يجمع قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم، أي أنك ستجد نفسك تحبه، وأنا أحبه، وكذلك الملوك يحبونه، والرؤساء يحبونه، والأمراء تجدهم يحبونه والله.
لا توجد مشكلة، فهو ليس شخصاً خارجياً يتحدى السلطة، ولا يخرج بكلام شاذ يرفضه العلماء، ولا يخرج بمفهوم غريب يُحدث فتنة في الأمة فيقف معه أناس وضده أناس آخرون، أبداً، إنه مصنوع لأجل مواجهة هذه الأشياء. فالشيء الغريب العجيب أنه يجمع الله قلوب أمة محمد عليه، فإذا سمعتم به ووجدتموه تمدح الصحف وتمدح الإذاعات ويمدح التواصل الاجتماعي الذي هو أكذب الحديث، يمدح
أيضاً. ما هذا؟ إنه شيء غريب وعجيب. الله! أخيراً اتفقت كلمتكم على شيء. الشرق يمدح والغرب يمدح، الشمال يمدح والجنوب يمدح. يجمع الله قلوب أمة محمد عليه الصلاة والسلام. عندما تجدون هذه الصفة قال: "أتوه ولو حبواً على عندما يكون هناك ثلج وتنزل على ركبتيك فتُصاب بلسعة البرد ولا تستطيع أن تكمل مترين زحفاً على الثلج، فإن عبارة "ولو حبواً على الثلج" تعني أنه حتى لو واجهت في هذا السعي كل
جهد وكل ضغط وكل نفقة وكل شيء، فهناك فرق بين من سيصل إلى المهدي وبين القلوب. أمة محمد قد اجتمعت عليه. افترض رجلاً عجوزاً قلبه معه، يقول له: "يا بني، اذهب، ربنا يوفقك"، لكنه غير قادر على التحرك من مكانه، لا يستطيع فعل شيء، لكن قلبه معه. إنها دنيا شعب كبير سيذهبون إليه جميعاً هناك في مكة. إنه أمر غير معقول، لكن كل القلوب معه. تخيل وجد الإسلام شيئاً يجمعها وتتفق
عليه، والجميع قيادةً وشعباً، رئاسةً ومرؤوسين، يقولون: نعم. تخيل ماذا سيحدث؟ بعض الناس يتخيلون هكذا ويقولون: ما هذا! من طنجة إلى جاكرتا، ومن غانا إلى فرغانة، بكل هذه الثروات والبشر والكفاءات، وكل هذا الحراك وكل هذا المكان! ياه، ستصبح أغنى دولة في العالم. هذه أرض السودان بمفردها تُطعم العالم كله، ليس فقط العرب، ولا المسلمين وحدهم، ولا السودان فقط،
بل تُطعم العالم أجمع لو زُرعت بعض القمح لكفت لإطعام العالم. إن هذه الإمكانات الضخمة التي هيأها الله سبحانه وتعالى للمسلمين ينبغي للرجل أن يوجهها إلى الخير وعمارة الدنيا وفعل الخيرات، وهذا هو سبب هذا قادم من أين؟ نحن نتصرف مثل ملوك الأندلس والطوائف، نتنازع ونتقاتل بفكر مشتت، ويريد بعضنا أن يعلو على بعض، فتذهب الأمور وتتم الحروب والتقسيمات في كل
البلاد. لكنه سيفعل عكس هذا، وهو أيضاً مؤيد من ربنا، والله مؤيده. ماذا يعني أنه مؤيد؟ يعني أن الله يستجيب دعاءه وسيبارك في أن الله سيبارك في الزرع ويفيض المال، يفيض المال، فيكون الله مباركاً في هذه الأموال. هذا الموضوع سيأخذ منا كلاماً كثيراً، فنلتقي مرة أخرى
إن شاء الله في حلقة قادمة. أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.