حديث الجمعة | علي جمعة يكشف السبب وراء تسمية المهدي المنتظر بهذا الاسم | الحلقة الكاملة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. نعيش هذه اللحظات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخبرنا عن أمور ديننا، ونرجو الله سبحانه وتعالى أن ينزل على قلوبنا. الرحمة وأن يجازيه عنا
خير ما جازى نبياً عن أمته، اللهم آمين. تكلمنا عن علامات الساعة وأن منها ما هو من العلامات الصغرى وقد تمت في القرن الأول، ومنها ما هو من العلامات الوسطى وقد تمت في القرن التاسع عشر الميلادي الثالث عشر الهجري في عالم الإسلام، ومنها ما هو من الكبرى وهو على ثلاثة أقسام: تمهيد يتمثل في علامات ثلاث عظيمة: نخل بيسان لا يطرح وقد كان، وعين زغر تبدأ
في الانخفاض وهي البحر الميت وقد كان، وبحيرة طبرية تبدأ في الانخفاض الشديد وقد كان. كل هذا يهيئ الأجواء للدخول في العلامات الوسطى، وكما رأينا فإن الصغرى أخذت مائة. سنة، والوسطى أخذت ألف ومائتين سنة، والتمهيد أخذ من سنة ثمانية وأربعين إلى تسعة وسبعين، يعني واحداً وثلاثين سنة. إذاً فليس معنى أننا قد دخلنا
في الوسطى أن غداً أو في حياتنا سنرى هذا. قد يكون وقد لا يكون، ولذلك فالأمر بيد الله، وهو وحده الذي يدبر الكون، ولذلك. أهل السنة لم يسموا المهدي بالمنتظر، ليس هناك شيء اسمه المنتظر عند أهل السنة، هو المهدي قائد من قادة المسلمين يظهر. الذين سموا المهدي منتظراً هم الشيعة لأنهم يتخيلون أن الإمام الثاني عشر دخل السرداب وبعدما دخل غاب، وبعدما غاب في السرداب سيخرج في آخر الزمان، فهم ينتظرونه فسمي.
بالمهدي المنتظر: أهل السنة لا يرون هذا، بل يرون أن المهدي رجل من المسلمين من البيت، من نسل الحسن عليه السلام، وأمه حسينية، يعني أبوه حسني وأمه حسينية، واسمه محمد بن عبد الله. سيخرج في زمن ما وفي وقت ما طبقاً لمراد الله، وليس طبقاً لمرادنا ورغبتنا وانتظارنا، وقد بيّنّا ذلك فيما سبق. إن الناس عندما رأت بعض الأوصاف تتحقق في أشخاص اتبعوهم على غير هدى وبتأويل وبنوع
من أنواع الراحة، فقد ادعى المهدية كثيرون وكلهم عبر التاريخ ظهر كذبهم. ابن تومرت في المغرب كان اسمه محمد بن عبد الله وكانت فيه بعض الصفات إلا أنه كان ظالماً والنبي صلى الله عليه وسلم. يقول في المهدي يأتي وقد امتلأت الأرض جوراً وظلماً فيملؤها عدلاً وقسطاً، هذا المهدي سيأتي فنجد أن الله يجمع قلوب أمة محمد عليه، ليس محتاجاً
إلى أن يكون هناك نزاع وقتال وما شابه ذلك. ابن تومرت كان سفاكاً للدماء وكان شديداً في أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر. أغلب الناس الذين أسسوا الفرق كالخوارج. والمعتزلة كذلك كانوا شديدي التعبد، انتبه إلى أن العبادة ليست هي مقياس الحق. فكل الذين أسسوا فرقًا كانوا زهادًا ومتعبدين وغير ذلك إلى آخره. من أمثلتهم هذا المثال الذي هو محمد بن عبد الله بن تومرت، قاتل وبنى دولة، أقام دولة، وعندما أقام دولة، هي صحيح لم تبقَ وذهبت
في طي النسيان. الريح ولكن أقام دولة وهو كذاب صاحب فتنة الحرم وربنا خذله لعدوانه على الحرم، وما بينهما عبر التاريخ يظهر واحد يقول لك أنا المهدي ويتبين أنه كذاب، ما الذي نستطيع فعله؟ كيف نعرف المهدي؟ كل الصفات فيه: أجلى الجبهة، أقنى الأنف، أزج أبلج، كث اللحية، على خده الأيمن خال يضيء كأنه. كوكب دُرِّي طويل القامة قصير الفخذين، يبطؤ عليه الكلام فيضرب بيده اليمنى على فخذه الأيسر
فينطلق. ما هذا؟ هذا وصف تفصيلي. حسناً، هل ظهر عدة مرات؟ هذا الوصف التفصيلي ظهر عدة مرات وتبين أنهم ليسوا المقصودين. إذن ماذا يكون؟ يكون عندما يجمع الله قلوب أمة محمد عليه، وليس فيها نزاع. لا يوجد شيء اسمه بعض المسلمين سيكذبونه وبعض المسلمين سيصدقونه، فهناك بعض المسلمين سيشتركون معه في الإدارة والجهاد، وهناك بعض المسلمين لن يشتركوا معه، لكن الجميع يحبونه والجميع يريدونه. لا أحد، فالناس عندما تقيس المثقفين يقول لك:
هذا طوال عمره يدّعي أنه المهدي، هذه فتنة، لم يظهر مهدي إلا من... انقسم المسلمون ولم يظهر مهدي إلا عندما ذهب أناس إلى هنا وذهب آخرون إلى هناك، ويحدث فتنة، فكل مهدي فعل هكذا. أنتم الآن تقولون إن النبي ذكر المهدي، لماذا لا تقولون إنه حديث ضعيف وكفى؟ لن نستطيع أن نقول إن الحديث ضعيف وهو ليس ضعيفاً، وقد روى أحاديث المهدي عشرون صحابياً، المشكلة هي في الفكرة نفسها. فكرة المخلص هذه الذي سيأتي في آخر الزمان وإذا به يفعل شيئاً تسبب في فتن عبر القرون، ولأنها تسببت في فتن عبر القرون، فلنعرف إذن أننا ننكرها.
قلنا لهم: لا، هناك حل آخر. وسعوا صدوركم أيها المثقفون، هناك حل آخر. ما هو الحل الثاني؟ الحل الثاني أن أي... أحد سيكون عليه خلاف فلا تصدقه عندما تجد الأمة كلها تمدحه فصدقه، وهذه أول علامة، فهو ليس نبياً حتى يأتيك بمعجزة، لكن هناك علامة، ما هي العلامة الخاصة به؟ العلامة الخاصة به أن كل الأمة تحبه، حتى عندما تقول لشخص: "أنت تتحامل على هذا الرجل"، سيقول لك... نعم، تقول له: "ألا تسافر إليه؟" فيقول لك: "لا يا أخي، أنا لديّ أطفال". حسناً، أنت حر، لكن هل تحبه؟ فيقول لك: "نعم أحبه، إنه رجل صالح
وطيب ورجل... لا أعرف ماذا". الله! من الذي جعل لسانه ينطق بهذا؟ الله! ألا تسافر إليه؟ قال: "لا، لست..." سأسافر إليه، أنا لدي أمي التي أريد رعايتها، أنا مثل أويس القرني يا سيدي. بعد الفاصل نرى هذا الشأن. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. فالعلامة التي هي للمهدي بعد ما عرفنا أوصافه وعرفنا اسمه وعرفنا نسبه وأنه من مواليد المدينة وأنه يظهر في مكة عند الركن
والمقام، وأن الأمة تجتمع عليه، فلا يوجد خلاف ولا فتنة. فيأتي أحدهم ويقول لك: "لا، ما هذا إلا مصطفى، إن هناك شخصًا اسمه محمد بن عبد الله ظهر هكذا مصطفى وأصبح قائدًا محنكًا، فقاد الأمة ووحَّد كلمتها"، حسنًا، مصطفى مصطفى، دعها كذلك. مصطفى فقط عندما نجتمع، اجعلها مصطفى، لكن طاوعوه في اقتراحاته، اجعلها مصطفى. لن ندخل (في ذلك)، فأنا كنت أقول إنه لا يوجد مهدي، وإلى الآن أقول إنه لا يوجد مهدي. هو يقول هكذا، ولكن هذا الرجل رجل طيب. توكلنا على الله، لا يوجد مهدي، يوجد هذا الرجل،
حسناً، إذاً لا يوجد. لا توجد فتنة ولا شيء ولن تحدث فتنة، بل سيحدث عكس الفتنة، سيحدث توحيد بين القلوب. وهو أصلاً ليس في شهادة ميلاده اسمه مهدي، فـ"مهدي" هذه صفة تعني أن الله هداه فقط لا غير. فاسمه محمد عبد الله، حسناً، محمد عبد الله، لكن ليست العبرة هكذا، العبرة أنه سيوحد الكلمة. الذي نحن جالسون فيه منذ مائة سنة ونحن نقول نريد توحيد الكلمة نريد توحيد الكلمة، حتى ذهبت مصر واتفقت مع سوريا لتصنع وحدة. هذه الوحدة التي حدثت بين مصر وسوريا كانت لماذا؟ لتوحيد الكلمة. لم تسكت، لم يسكت أحد، الناس اشتعلت في
الداخل والخارج. لماذا؟ ما هو القائد؟ الذي كان يتولى المسؤولية حينها تصرف تصرفات غير مناسبة، فقام بتأميم أملاك رجال الأعمال، فأحدثت هذه الخطوة ضجة، فحدث الانفصال. إنه فكر معين لا نريد أن نناقش صحته أو خطأه، لكن هذا الفكر جعل الدنيا في حالة فوضى وأرهق العالم. لكن هذا الرجل هو الذي سيخرج ويجد حلاً لهذه المشكلة. سيحلها لك، وسيوفقه الله في إيجاد الحل. معين بشري أرضي مناسب نفعله، قوم بارك الله فينا، وإن حبة
القمح ستصبح مثل الحوصلة، حوصلة ماذا؟ الدجاجة هكذا يعني أو البطة، فيها حوصلة هكذا نسميها ماذا؟ هذه الحوصلة التي للطير، ما هذا؟ أليس هناك علم أم ماذا؟ فهذه الحوصلة، حوصلة أعطت حبة القمح، ماذا يعني؟ إنتاج وفير في الوقت الحالي، الهندسة الوراثية دخلت والأمور تطورت، لا أعرف ماذا يقول لك، نعم يمكننا أن نفعل هذا الأمر. تخيل هكذا، نم وتخيل أن السودان كلها زُرعت، ولن نمد أيدينا حتى انتهينا تماماً. حسناً، كيف زُرعت؟ زُرعت والمصريون
ساعدوا في هذه الزراعة، الفلاح المصري ذو خبرة ذهب وساعد في الزراعة. ملايين الأفدنة تمت زراعتها هكذا وأطعمت الناس كل سنة. تخيل أننا استطعنا أن نجعل البترول شيئاً أساسياً بهذا الشكل ونرفع سعره ونتعامل معه بطرق مختلفة، فيفيض المال من ضمن فوائده. إن النجاح يجلب النجاحات الأخرى، حيث يتحقق الاكتفاء الذاتي ويحدث فيضان للمال. سيزداد المال وستغطي مناجم الذهب الدنيا. يذهب ذهبًا حتى أن المرء يذهب
إلى هذا المهد ويقول له: "ألن تعطيني عطية جيدة هكذا؟" فيقول له: "نعم، خذ عطية جيدة يا وزير المالية"، ويعطيه مائة جنيه ذهبًا. مائة جنيه ذهبًا الآن تساوي كم؟ خمسمائة ألف جنيه مصري، أي نصف مليون. يعني شخص يكلمه ويقول: "ألن تعطيني؟" شيء قال له: "خذ نصف مليون"، لم يتفاهم معه ولا شيء، إنه في الطريق يعني. فيأخذ المائة، مائة الجنيه الذهب هذه في حِجره هكذا، ذهب ذهب، فيستقلها. نصف مليون ماذا ستفعل؟ أتنتبه؟ ويُطاف
بالزكاة فلا تجد فقيراً، كل سنة الإرادة كلها، وهذه الأموال كلها عليها زكاة، نبحث عن مَن. المستحق فلا نجد ويفيض المال فيكون هناك بركة في الإنتاج وإدارة جيدة، ومع كل هذا ماذا يحدث؟ أمن وأمان واستقرار وسعادة للحياة الدنيا. المنطقة ملتهبة وفيها احتلالات وفيها ثورات وفيها أمور، فيقاتل في سبيل الله وتبدأ الجيوش تنتصر وتهدئ الحال وترد الحق
لمستحقه ويبدأ. أناسٌ من أهل الفتنة يقاتلون هذا الوافد الجديد الذي نجح في الإدارة، ونجح في أن يُفيض المال، ونجح في تحقيق الرفاهية، ونجح في تجميع الكلمة، ونجح في تقسيم العمل. هناك أناس أصبحت عقولهم لا تستوعب كل هذا، فيقولون: دعك من الدين ودعك من الدنيا، يجب القضاء عليه. هذا خطر أصبح، ومن
هنا سيكون الجهاد صد العدوان ورفع الطغيان، ويستمر في صد العدوان ورفع الطغيان حتى تمضي سبع سنوات. كل هذا الكلام سيحدث في آخر مدته، لأنه في السنة الأولى والثانية والثالثة فاض المال وحصلت الرفاهية وتوحدت الكلمة، وبدأ الناس يشعرون بتغيير حقيقي في المسألة. الله (تعالى) يجيب. أين كنا في الماضي؟ إذن أين ذهب كل هذا الخير؟ وبعد ذلك يبدأ الحقد، ويبدأ النزاع، ويبدأ ما يسمونه جهاداً. حسناً، ماذا أفعل أنا؟ لا بد أن أضربك. لا، لن تضربني. فيبدأ القتال. وعندما يقاتل الناس، فإنه
يستمر في هذا القتال سنة تقريباً حتى نزول سيدنا عيسى. لكننا لا نعرف هل هي السبعة أم التسعة التي هي فردية، هل هي السبعة أم التسعة. قيل وقيل، أو نحن لا نعرف، قد تكون السبعة وقد تكون التسعة. يفعل هذا ويذهب ويغزو ويجاهد ويحدث له ضيق من هذا القتال وهذا الجهاد. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.