طريقنا إلى الله | ح16 إبراهيم الدسوقي ج2 | أ.د. علي_جمعة

طريقنا إلى الله | ح16 إبراهيم الدسوقي ج2 | أ.د. علي_جمعة - تصوف, شخصيات إسلامية, طريقنا إلى الله
إذاعة جمهورية مصر العربية من القاهرة تقدم طريقنا إلى الله، طريقنا إلى الله مع فضيلة الدكتور علي جمعة. الإعداد والتقديم أحمد بشتو، إخراج هيام فاروق. مستمعينا الكرام، أهلاً بحضراتكم في هذه السلسلة الذهبية مع علماء الصوفية في مصر وفي العالم، مع ضيفنا الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، أستاذنا. السيد إبراهيم الدسوقي الذي عاش في دسوق ومات صغيراً وترك أثراً كبيراً،
هذا يُظهر أن عالم الصوفية المؤثر في الناس لا يجب أن يكون شيخاً كبيراً معمماً وما إلى ذلك، وإنما يترك الأثر ويؤثر في الناس بعلمه وأخلاقه. نعم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله. الله وآله ووسعه به ومن والاه سيدي إبراهيم الدسوقي تعلم على المذهب الشافعي وأتقن المذهب الشافعي ثم بعد ذلك صار في آثار وطريق الصوفية. كان رفاعياً في أول أمره، لبس الطريقة الرفاعية بمعنى أنه أخذ الطريقة الرفاعية أخذها من عالم كبير كان يسمى العارف بالله نجم الدين محمود
الأصفهاني محمود. الأصفهاني كان من كبار الأولياء وتتلمذ عليه برهان الدين الدسوقي أو إبراهيم الدسوقي، وكان يجمع بين الشريعة والحقيقة، بين الفقه والتصوف. كان يقول رضي الله تعالى عنه: "من لم يكن متشرعًا متحققًا"، يعني أن الشريعة لا بد أن نلتزم بها، فلا يأتي أحد ويقول لي: "والله أنا خلاص وصلت إلى الله". سبحانه وتعالى وقلبي معلق بالعرش فليس هناك صلاة، لا يوجد شيء يسمى هكذا. إن سيدنا النبي لم تسقط عنه الصلاة وهو سيد الكائنات. ولذلك نعم، قلبك يتعلق بالعرش مع استمرارك في الصلاة متشرعاً متحققاً. عندما لا يكون
في الشريعة هذا المذاق، تصبح جافة، تصبح مجرد حركات وسكنات، لكن عندما... يكون فيها هذا الإخلاص والتوجه والتعلق بالله سبحانه وتعالى تصبح فيها متحققاً ومتشرعاً وطاهراً. كان في بعض الأحيان مفهوم أنني حتى أكون زاهداً لا أستحم ولا أتطهر ولا أتجمل، وهذا لا يستقيم مع العبادة، بل لا يستقيم أصلاً مع الدين وليس مع العبادة فقط، بل أكثر من ذلك. مع الديانة أن الله جميل يحب الجمال، وأن أحدنا يحب أن يكون ثوبه جميلاً ونظيفاً ونعله جميلاً، فقال إن الله جميل يحب الجمال. والنبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الترمذي
يقول إن الله نظيف يحب النظافة. يا له من وصف للذات العلية بهذه الصفة حتى يجعلها صفة طيبة. نظيف، فسيدنا إبراهيم السقاء انتبه لهذه المسألة، فإذا كان الناس الذين يتسوّلون ويترك الإنسان نفسه هكذا، فهذا لديه حالة نفسية ليس أكثر ولا أقل. هذا ليست العبادة قضيته، بل يريد أن يدخل من مدخل الترك لأنه ترك الدنيا وترك النظافة وترك التجمل وترك وترك، وهذا معناه أنه... كان صوفياً نظيفاً عفيفاً شريفاً، ومن لم
يكن كذلك فهو ليس من أولاده. إذاً انتهى الأمر، فليذهب ويبحث له عن شخص آخر يدّعي أنه الذي رباه، أو عليه أن يراجع نفسه، عليه أن يراجع نفسه. إذا أردت أن تسير معنا فيجب أن تكون متشرعاً متحققاً نظيفاً عفيفاً شريفاً حتى تكون من أولاد السيد. كان إبراهيم الدسوقي يقول: "الشريعة أصل والحقيقة فرع"، كيف أمسك الآن بالفرع وأترك الأصل؟ إن الأصل لا يُترك، فهذا الأصل هو أصل الشجرة التي تحمل كل الفروع، فلن أترك الشجرة وأمسك بالفرع، وإلا لن تكون المسألة موجودة أصلاً. فالشريعة جامعة لكل علم مشروع، والحقيقة جامعة.
لكل علم خفي قد لا يكون ظاهراً أمام الناس لأنه محله القلب، وجميع المقامات مندرجة فيهما في الشريعة والحقيقة. كان يقول رضي الله تعالى عنه: "يجب على المريد أن يأخذ من العلم ما يجب عليه في تأدية فريضته ونافلته، كما أنه مهتم بالنافلة، ولا ينشغل بالفصاحة والبلاغة، وأن يعرف كيف يتكلم وهكذا إلى..." آخره فإن ذلك يشغله عن مراده، هكذا سيشغله عن هدفه الأساسي وهو الله، بل يبحث عن آثار الصالحين في العمل ويواظب على الذكر
الذي هو "لا يزال لسانك رطباً بذكر الله"، الذي هو "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون"، الذي هو "والذاكرين الله كثيراً والذاكرات" دائماً. يترجم عن الكتاب والسنة عودة للأصول، وانتقل رحمه الله تعالى في ستمائة ستة وسبعين، أي بعد السيد أبي الحسن الشاذلي بنحو عشرين سنة وأكثر، في دسوق حيث ضريحه الذي يُزار إلى يومنا هذا، رضي الله عنهم أجمعين. شكراً فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، أهلاً وسهلاً. بكم كنتم مع طريقنا إلى الله مع تحيات أحمد
بشتو وهيان فاروق