طريقنا إلى الله | ح19 | السيد أحمد البدوي ج3 | أ.د. علي جمعة

إذاعة جمهورية مصر العربية من القاهرة تقدم طريقنا إلى الله، طريقنا إلى الله مع فضيلة الدكتور علي جمعة. الإعداد والتقديم أحمد بشتو، إخراج هيام فاروق. أساتذتنا الكرام، أهلاً بحضراتكم. مستمرون في هذه السلسلة الذهبية مع فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء. فضيلة الدكتور، سيرة السيد البدوي تحتاج إلى كثير من التفسير ربما تحتاج إلى حلقة أو حلقتين وأرجو أن نبدأ
بكيف أثّر في تلاميذه وكيف قاد هؤلاء إلى جهاد ومشاركة فاعلة. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. السيد البدوي وُلد في أواخر القرن السادس الهجري، وُلد في سنة خمس مائة وخمسة وتسعين هجرية، وعلى ذلك فحياته امتدت في خلال القرن السابع الهجري من ست مائة إلى ما بعد ذلك إلى وفاته ورحيله. الرجل أولاً تعلم العلم لأنه لما وُلد في فاس وهي من بلاد المغرب، فانتسب إلى المالكية ودرس المذهب المالكي، ثم
انتقل مع أسرته من المغرب. إلى مكة المكرمة، كان عمره سبع سنوات، يعني ستمائة واثنين، فأقام في مكة المكرمة، مكة الحرم، مكة المليئة بالعلماء، وهي أيضاً بؤرة تجذب العلماء أثناء الحج، فيلتقون في مؤتمر الحج الأكبر كما يقولون. شهد هذا الطفل ثم الشاب ثم الكهل في مكة هذا المؤتمر وهذا العلم الفياض كل. هذا سوف يؤثر في طريقة تربيته لأتباعه ومواقفه، وهو في مكة درس المذهب الشافعي. يعني هناك، عندما كان التوجه والمبادئ الخاصة بالكلام
مالكية لأنهم كانوا يُعلّمون الأولاد وهم صغار. ولما انتقل إلى مكة وعاش فيها، وكانت الشافعية متمكنة من مكة، فدرس أيضاً. هذه الرحلة لها أثر في... النفسية أنه أصبح لديه مساحة واسعة من الفقه، يسمع أمه ومن حوله يتحدثون على الطريقة المالكية في المغرب، ثم عندما يكبر ويدرس يتعلم على يد الإمام الشافعي. بدأ يتعلم الطريقة على يد شيخ كان اسمه الشيخ بري، هذا الشيخ بري من تلاميذ الشيخ أبي نعيم أحد أصحاب أحمد الرفاعي في بغداد. في عُبَيْدَة يعني في العراق، في عُبَيْدَة،
ثم أقبل على العبادة لمّا درس الشافعية ودرس قلبه في العبادة. يبقى إذا بدأ السلوك، بدأ الطريق إلى الله سبحانه وتعالى، واستغرق فيها حتى اعتزل الناس، بدأ يدخل في خلوة حتى ينقّي نفسه ويصفّيها، والتزم الصمت. كل هذا في مكة بعد. ذلك رأى في المنام سنة ستمائة ثلاثة وثلاثين، عندما كان عمره ثمانية وثلاثين سنة، رأى في المنام بشرى وأحوالاً حسنة، ورأى منطقة في الغربية تسمى "طنطدة" التي أصبحت "طنطا" الآن، وأنه سيذهب إليها وأنها ستكون
مقره ومنتهاه. ارتحل مع أخيه إلى العراق فزار بها الأولياء. أصبح العراق مليئاً بعبد القادر الجيلاني وأحمد الرفاعي وموسى الكاظم وهكذا، أي مليئاً بأولياء الله الصالحين. ثم قدِم إلى مصر وكل قلبه متعلق بالمكان الذي فيه. لم يكن هناك شيء اسمه طنطا حينذاك ولا أي شيء آخر. حول هذه المدينة تكوّنت بذلك المسجد المبارك الذي دُفن فيه والذي عاش فيه. أحمد البدوي رضي الله تعالى عنه، بهذا نكون قد دخلنا في زمن
الظاهر بيبرس. الظاهر بيبرس وقطز هما اللذان انتصرا على التتار وأوقفا هجومهم ليس على مصر وحدها، بل وعلى العالم كله، لأنهم كانوا بعد دخول مصر سيصلون إلى أوروبا مباشرة. كان يُعتقد فيه اعتقاداً عظيماً، بيبرس المجاهد، بيبرس المنتصر. ببرس القائد عندما رأى في أحمد البدوي صفات القيادة والصفات العسكرية أحبه وعظّم أمره جداً. هذا الرجل رجل متميز، هو الذي يصلح لأن يكون مرشداً للجهاد ودليلاً إلى الله سبحانه وتعالى. كلامه عندما يتحدث
ويلقي الدرس ويعظ وما إلى ذلك يصلح للجنود، فيكون إذاً قائد الجيوش جعل أحمد البدوي يعني... كأنه واعظاً للجيش المصري، وكانت الأمة المصرية في ذلك الوقت تحتاج إلى دعم معنوي بالإضافة إلى الدعم العسكري والجهد العسكري في كفاحها ضد الصليبيين. وعند هذه النقطة نتوقف في هذه الحلقة فضيلة الدكتور علي، على أن نستكملها في الحلقة المقبلة. فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، شكراً جزيلاً. إن شاء الله، شكراً لكم. كنتم مع "طريقنا
إلى الله"، مع تحيات أحمد بشتو وهيان فاروق.