طريقنا إلى الله | ح7 | أبوالحسن الشاذلي ج1 | أ.د. علي جمعة

طريقنا إلى الله | ح7 | أبوالحسن الشاذلي ج1 | أ.د. علي جمعة - تصوف, شخصيات إسلامية, طريقنا إلى الله
إذاعة جمهورية مصر العربية من القاهرة تقدم طريقنا إلى الله، طريقنا إلى الله مع فضيلة الدكتور علي جمعة. الإعداد والتقديم أحمد بشتو، إخراج هيام فاروق. السلام عليكم، ونستكمل اللقاء مع ضيفنا فضيلة الأستاذ الدكتور علي، جل
الله وآله وصحبه ومن والاه. الرهبانية حالة يدخل فيها الراهب في سلك الرهبانية ولا... يخرج منها أبداً لكن عزلة الصوفي هي عزلة أغلبها مؤقت، خطوة في الطريق يفعلها من أجل الوصول إلى حالة نفسية مستقرة هادئة مع نفسه أو مع الخلق أو مع الله، فهي أداة وليست هدفاً. فالفرق كبير جداً بين أن يكون التصرف أو الحالة هدفاً وبين أن تكون. أداة العزلة عند الصوفي أداة وليست
هدفاً، ولذلك يقولون خلوتهم في جلوتهم، يعني أن قلبه موجود هكذا يترجمون فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: "خير الأعمال سبحة الحديث"، قالوا: "وما سبحة الحديث يا رسول الله؟"، قال: "الرجل أن القوم يتكلمون والرجل يسبح"، فيبقى الناس تتكلم حوله. وهو قلبه معلّق بالله يكون ذلك خلوته في جلوته، منعزل حتى وسط الناس في انفصال، ولكن هذا الانفصال لا يؤثر على علاقته بعمارة الدنيا، ولا على علاقته بالآخرين وبالمجتمع والناس، إنما هو يعيش
مع الله سبحانه وتعالى في صورة تامة. إذاً العزلة ليست هدفاً، ولكن الرهبانية هدف، والرهبانية. دائمة والعزلة مؤقتة، فهذا هو الفرق ما بين الرهبانية والعزلة. نتحدث في هذه الحلقة إذاً عن أبي الحسن الشاذلي، هو أحد رموز الصوفية في مصر وفي العالم الإسلامي بشكل عام. نعم سيدي، أبو الحسن كان اسمه علي وهو حسني يعني من أبناء سيدنا الحسن بن علي. الحسن كان الأكبر والحسين. كان هو الأصغر، وُلِد سيدنا أبو الحسن علي الشاذلي
سنة خمسمائة وواحد وتسعين، أي أواخر القرن السادس. توفي سنة ستمائة وستة وخمسين، أي إنه عندما توفي كان عمره أربعة وستين سنة، وهو قريب بذلك من سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم الذي توفي حول هذا السن. ومن الغريب... العجيب أنه دُفِنَ في حُمَيْثَرَة بجنوب مصر، صحراء قاحلة اسمها صحراء عَذَاب، كان يسكنها البدو من البِشَارِيَّة ومن العَبَابِدَة ومن القبائل الرُّحَّل التي كانت في هذه المنطقة. وكان هذا المكان الذي مات
فيه السيدي أبو الحسن، الذي يُسمى بحُمَيْثَرَة، وهي قرية صغيرة، يعني ربما عدد سكانها لا يزيد عن ثلاث. مائة، هذه القرية كانت طريق الحج القديم، فكان الناس يحجون من هذا المكان، ولذلك كان متوجهاً هو وأصحابه إلى الحج. وفي هذا المكان جاءه الأجل، وكان قد أمرهم بأن يصطحبوا معهم أدوات الحفر وإعداد القبور ونحو ذلك، فتعجبوا قائلين: "لماذا نحمل هذه الأدوات؟". فلما جاء الأجل، أدركوا أنه فعلاً... انتقل ودُفِنَ هناك في المكان الذي تُوفِّي فيه رضي الله تعالى عنه في
حميثرة في صحراء عذاب في جنوب البلدة. اختار هذا المكان لأنه فضَّل أن يبتعد عن البيع وعن الناس، ولم يخطر بباله أنه ذاهب إلى الحج وكان هذا المكان يبعد حوالي ثلاثين كيلومتراً عن البحر، ومن ثَمَّ تركب البحر. فتذهب إلى رابغ وهي ثغر المدينة بعدما دخلت الأدوات الحديثة مثل وكذا إلى آخره. حدثت أمور لطيفة جداً، وهي أن قبة قبر أبي الحسن الشاذلي على سمك قبة سيدنا رسول الله، يعني جوجل أخبرنا بهذه الحقيقة. عبر جوجل إيرث وجدنا أن
هذه عند درجة معينة، درجة واحد وعشرين، وهذه. عند درجة واحد وعشرين أي أنه لو أن خيطاً عُلّق ما بين قبة أبي الحسن الشاذلي لكان مستقيماً مع قبة سيدنا الخضراء في المدينة المنورة، فتكون إذاً أمامه لأن هذا فعلاً كان ثغر الحج والمدينة، وظل هكذا ثغر الحج والمدينة ربما ثلاثمائة سنة أيضاً، وبعد ذلك ذهب الناس. إلى جدة ونشأت جدة، والرجل من السودان عمل آباراً على وتغيرت طرق الحج في جدة، أو كما يقولون جدة بالضم هي أمام سواكن. سواكن هذه قرية
موجودة على البحر الأحمر في السودان. لو ركبت من سواكن إلى جدة فإحرامك من جدة، هكذا نص الإمام النووي. فنرجع إلى سيدي أبي الحسن. الشاذلي رضي الله تعالى عنه سُئِلَ من قبل رجل: "من هو شيخك؟" فقال: "كنتُ أنتسب إلى الشيخ عبد السلام بن مشيش"، ويُقال: "مشيش وبشيش"، ثم قال: "وأنا الآن لا أنتسب لأحد". يعني أنه ترقى في مراقي العبودية حتى لم يعد منتسباً حتى إلى شيخه ابن بشير، بل صار يعوم في عشرة أبحر خمسة. من الآدميين النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وخمسة من الروحانيين: جبرائيل
وميكائيل وعزرائيل وإسرافيل والروح. هذا الكلام يؤكد على سُنِّية أبي الحسن الشاذلي. بعض الناس يحاول أن يوجد علاقة بين الصوفية وبين الشيعة، وهذا أمر ليس واقعياً. هو يؤكد عليه سيدي أبو الحسن هنا ويقول... أنه يأخذ عن الأئمة الأربعة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه نقطة مهمة نختم بها هذه الحلقة، على أن نعود لنقاش هذه الحلقة في الحلقة المقبلة. فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة
كبار العلماء، أهلاً وسهلاً بكم. كنتم مع "طريقنا إلى الله" مع تحيات أحمد بشتو وهيان فاروق. سأعود. في الحلقة السابعة