طريقنا إلى الله | ح8 | أبوالحسن الشاذلي ج2 | أ.د. علي جمعة

إذاعة جمهورية مصر العربية من القاهرة تقدم طريقنا إلى الله، طريقنا إلى الله، مع فضيلة الدكتور علي جمعة. الإعداد والتقديم: أحمد بشتو، إخراج: هيام فاروق. مستمعينا الكرام، أهلاً بحضراتكم في هذه الحلقة الجديدة مع ضيفنا فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء. فضيلة الدكتور، توقفنا في الحلقة الماضية عند... ربما سؤال مهم: ما هو السبب في تشبيه حركات الصوفية ومذاهبها
بمذاهب التشيع؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. سبب ذلك هو حب أهل البيت. فأهل السنة أحبوا أهل البيت، وأهل البيت أحبهم الصحابة الكرام، فالحقيقة غير ما يحاول أن... يتداوله أولئك الذين يثيرون الفتنة بين السنة والشيعة وبين المسلمين في مذاهبهم خاصة المذاهب الفقهية، ولذلك تجد أن الصحابة تزوج بعضهم من بعض وسمى بعضهم بأسماء بعض. ويكفينا، وهذا دليل على عمق وحكمة المصريين، أن لدينا في مصر السيدة عائشة بنت من
بنت جعفر الصادق إمام الأئمة وبدر التتمة وهو أحد... الأئمة الاثني عشر الكبار الذين أخذوا منهم العقيدة والفقه وكل شيء، جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين، يعني شيء عظيم جداً. ابنته اسمها عائشة، عائشة التي يحاول بعض العوام إظهار قلة الأدب وإطالة اللسان على أم من أمهات المؤمنين عليها السلام السيدة عائشة. الصديقة بنت الصديق، الصوفية يحبون أهل البيت، والشيعة تحب أهل البيت، إنما يحبون أهل
البيت بطريقتهم، هم أحرار فيما بينهم وبين أنفسهم. إنما الملاحظ الخارجي عندما يرى الحب الشديد من قبل الصوفية لأهل البيت وذلك استناداً لقوله صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً". كتاب الله وعترتي أهل بيتي يعني يحدث له نوع من أنواع الجمال والجلال والكمال ويتيه حباً في البيت، فما الذي يميز الشيعة بحب آل البيت إذاً؟ فالصوفية شيعة أو هناك صلة بينهم وبين التشيع. هل يقال أن المصريين سنة المذهب شيعي الهوى؟ المصري
له جنة الحضارة فهو إنسان وهو أولى. الناس لجمع المسلمين حوله لأنه ليس هناك حاجز كما هو عند النواصب مثلا الذين يكرهون أهل البيت أو يظلمون أهل البيت أو لا يعطونهم حقهم من المودة "قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى". فنحن مأمورون بالكتاب والسنة بحب أهل البيت. المصري هكذا كان، لكن المصري عندما تولاه الفاطميون... وكتبوا على منبر الأزهر أن من لعن وسب فله دينار وإردب. لم يحدث أن أحداً من المصريين أخذ ديناراً ولا أخذ إردباً، ولا تشيعوا. وفي نفس الوقت لم يسبوا الصحابة
ولم يكرهوا أهل البيت. ولذلك المصري معتدل المزاج، وهو كما أقول عنه أو ألخص حاله. في الشخصية، شخصية مصر وشخصية المصري إنسان حضارة يستطيع أن يستوعب كل هذا، لكن سؤالك: ما الذي يجعل تهمة موجهة إلى الصوفية أنهم شيعة حب البيت؟ وهل هذه تهمة كافية؟ هذه مثل ما يقول بعض المنطقيين هذه قضية فاسدة، كما لو قلنا أن الحمار يتنفس وقلنا أن الملحد يتنفس، إذاً... فالملحد حمار.
هذا قياس فاسد. الملحد إنسان ضلَّ الطريق، يجب أن نناقشه، وأن نزيل عنه شبهاته، وأن نجيب عن أسئلته. لكنه ليس لأنه يتنفس والحمار يتنفس فهو حمار. فهذا النوع من أنواع الخلط في الاستنتاج مرفوض، أو التبسيط المخل. التبسيط المخل هو القياس في غير مكانه، وهكذا كان أبو الحسن. الشاذلي هو فضيلة الدكتور بعلمه ربما بمريديه ربما بآثاره التي تركها، كان وما يزال أحد أقطاب هذا
العلم في العالم الإسلامي رضي الله تعالى عنه. يعني عندما جاء أبو الحسن الشاذلي هنا، كان العز بن عبد السلام فقيهاً متبحراً وكان سلطاناً للعلماء وكان بعيداً عن التصوف. كثيراً ما يُنتقد التصوف لأن المنتقد لم يطلع عليه ولم يدرسه، ولم يجد من يُعلِّمه إياه. فلما جاء أبو الحسن واستمع إليه، وجد أن التصوف ينبع من معين واحد مع العقيدة والفقه وما إلى ذلك، فاتبعه. وهكذا أصبح سلطان العلماء العز بن عبد السلام على ما هو عليه من مكانة علمية رفيعة. الشان وأنه وصل كما قيل إلى درجة الاجتهاد. كان رضي
الله تعالى عنه تابعاً لأبي الحسن الشاذلي، وبدأ في التأليف في التصوف حتى يبين للناس حقيقة هذا الجانب الذي كان مهملاً في حياته. ولذلك ترك أبو الحسن الشاذلي كثيراً من تلاميذه، وكان يشير إلى أن هؤلاء مكان. كتبه وأبو الحسن هو الذي يقول: "أنا كنت أتبع ابن المشيش ودلَّني على الله جزاهم الله خيراً، إلا أنني الآن آخذ من خمسة من عالم الملك وخمسة من عالم الملكوت". وعدَّ من الخمسة عالم الملك: محمداً وأبا بكر وعثمان وعمر وعلياً بترتيب الخلافات، ومن
جبريل وإسرافيل وعزرائيل والروح إلى آخره. هذا الكلام من أبي الحسن يؤكد على أن التصوف له شخصيته المستقلة وأنه ليس فيه طرف من التشيع، أهل - قال هذا البيت - عند أهل السنة، إلى أن الإمام البخاري إمام أهل السنة كلما ذكر السيدة فاطمة في صحيحه يقول "عليها السلام"، ولا يقول "رضي الله عنها"، بل يقول "عليها السلام". لأنهم كانوا يفهمون معنى حب آل البيت رضي الله عنهم أجمعين. في الحلقة القادمة إن شاء الله سنستكمل الرحلة مع شخصية أخرى من أقطاب وأعلام التصوف إن شاء
الله. كنتم مع "طريقنا إلى الله" هيام