طريقنا إلى الله | ح9 | المرسي أبو العباس ج1 | أ.د. علي جمعة

طريقنا إلى الله | ح9 | المرسي أبو العباس ج1 | أ.د. علي جمعة - تصوف, شخصيات إسلامية, طريقنا إلى الله
إذاعة جمهورية مصر العربية من القاهرة تقدم طريقنا إلى الله، طريقنا إلى الله مع فضيلة الدكتور علي جمعة، الإعداد والتقديم أحمد بشتو، إخراج هيام فاروق. مستمعينا الكرام، أهلاً بكم في الحلقة الجديدة. قيل لأحمد بن حنبل إن الصوفية يجلسون في المساجد على سبيل التوكل، قال: العلم أجلسهم. فقيل له: إنه ليس مرادهم من الدنيا
إلا كسرة خبز وخرقة، فقال: "لا أعلم على وجه الأرض أقواماً أفضل منهم". فقيل له: "إنهم يستمعون ويتواجدون"، فقال: "دعوهم يفرحون مع الله ساعة". مستمعي الكرام، أهلاً بحضراتكم في هذه الحلقة الجديدة مع ضيفنا الذي نشرف بوجوده معنا فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء. فضيلة الدكتور، لماذا كان أغلب أقطاب الصوفية مغاربة الأصل جاؤوا من بلاد المغرب، استوطنوا مصر أو قدموا إلى بلاد الشرق؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. يعني قد تكون هذه معلومة شائعة في الأوساط
الثقافية لكنها غير دقيقة لأننا رأينا في هذا البرنامج المبارك أنه من أسس التصوف ذو النون المصري وكان في القرن الثاني الهجري، فالمصريون كانوا أصحاب ميل للتصوف من البداية. لكن في الحقيقة أن الأندلس والمغرب العربي مرّ بلحظات قاسية مع ألفونسو وجماعة الإسبان ومحاكم التفتيش بعد تحول الأندلس.
أين سرة العالم؟ أين موطن العلم؟ أين... أساس الحضارة مصر، مصر هي الملجأ لكل هؤلاء. أتانا من المشرق والمغرب. لعلك تتذكر في برنامجنا هذا أننا تحدثنا عن أبي الحجاج الأقصري الذي جاءنا من بغداد. لعلك تتذكر أننا تحدثنا عن عبد الرحيم القناوي الذي جاءنا من الحجاز. لعلك تتذكر ذا النون المصري الذي هو من أصل مصري، وهكذا كثيرون. فإذا التصوف عندنا جاء من المغرب وجاء من المشرق، وكل ذلك لجاذبية مصر. أبو الحسن الشاذلي عندما جاء، جاء معه تلاميذ منهم المرسي أبو العباس مثلاً، وهو من
سنتحدث عنه في هذه الحلقة. نعم، فالمرسي أبو العباس، طبعاً الإسكندرية يا أفضل الناس، المرسي أبو العباس أتى مع سيدي أبي. الحسن الشاذلي من التلاميذ الذين وصلوا مصر معه، جاء ومعه تلاميذته. إذاً هذا الانجذاب لتلك البقعة المباركة انجذاب له ما يبرره؛ شعب طيب، مكان مؤيد للعلم، إنسان للحضارة. وأيضاً هناك دافع في المغرب لأن يُلقي على المشرق كل هذه الهجرة العكسية إن صح التعبير، إذ جاؤوا إلى البيئة الحاضرة. مصر جاؤوا إلى البيئة الحاضرة، فسيدي
أبو العباس كان اسمه أحمد، ودائماً أحمد يُطلق عليه أبو العباس. أبو العباس أحمد ويُطلق عليه شهاب الدين، يعني اللقب يكون شهاب الدين، والكنية تكون أبو العباس. محمد يُطلق عليه شمس الدين، وعلي يُطلق عليه نور الدين. فهذه أشياء قديمة موروثة، أول ما... تجد شخصاً اسمه نور الدين الشبره مولوسي، يكون اسمه علي، شمس الدين الرملي، يكون اسمه محمد. دائماً هكذا، هو سيدي المرسي أبو العباس أحمد، يكون اسمه شهاب الدين، يعني لقبه شهاب الدين. فكان سيدي أبو العباس المرسي أشعرياً وكان
مالكياً لأنه قادم من المغرب، والمغرب هذا... يعني منذ القدم منذ الأدارسة كانت تتمسك بالمذهب المالكي. سُمي المرسي لأنه من مرسية الأندلس. مرسية هذه كانت بلدة من بلاد الأندلس. الاسم الصحيح له أبو العباس المرسي وليس المرسي أبو العباس. لا، انتبه حضرتك، أبو العباس هذه من أسامي الكنية، فالكنية هذه إما... تتقدم يا أمي أو تتأخر في المرسي أبو العباس أخو أبو العباس المرسي هي هي واسمه أحمد، يعني الاسم الذي كما يقولون ما اسمك في شهادة الميلاد. لم تكن في ذلك الوقت شهادة ميلاد، لكن اسمه أحمد،
أبوه سماه أحمد. نحن نقول دائماً أحمد، ونكنيه بأبي العباس، والمرسي هذه نسبة. مثل أن نقول فلان المصري أو البغدادي أو السعودي أو المغربي، فالمرسي نسبة إلى البلد الذي وُلد فيه، فهو المرسي أبو العباس أو أبو العباس المرسي، كلاهما صحيح. كان أكبر تلميذ من تلاميذ سيدي أبي الحسن الشاذلي، وقيل إنه تزوج ابنته، تزوج ابنة أبي الحسن الشاذلي، وكان معه في الرحلة. الأخيرة التي دُفِن فيها أبو الحسن الشاذلي في حميثرة في جنوب الوادي في مصر، وهو جلس في الثغر، أي في الإسكندرية، يعني في المكان الذي تأتي منه السفن. موسى بن
العباس في لطيفة من اللطائف، كرامة هكذا أنه كان حوله المريدون والتلاميذ جالسين يستمعون إلى الموعظة أو... ليقرؤوا الدرس أو يعبدوا أو يعملوا إلى آخره، ففي الدنيا الصيف تكون الدنيا حارة، وكان أهل الإسكندرية لأنها باردة في الشتاء يصنعون شيئاً يسمونه العصيدة، شيء دافئ يشبه البليلة، عزاء هذه الأشياء أنها لذيذة، فأحضرها لهم وقال لهم هذا للقادم السعيد، القادم السعيد من؟ هل هناك من أنجب؟ هل يستغرب أحد أننا نُحضِّر العصيدة
في الصيف؟ هذه العصيدة مخصصة للشتاء وليست للصيف، لأنها تمنح طاقة تقاوم البرد. المهم أنهم أكلوا، وبعد سنوات طويلة جاء ياقوت العرشي بعد عشرين عاماً من إثيوبيا، من الحبشة. كان أسود. عندما جاء ياقوت، قال له المرسي: "مرحباً بالمقدم السعيد"، فتذكروا هذه الكلمة. التي كانت مخيّرة له منذ عشرين سنة، التي من عشرين سنة فسألوا ياقوته متى وُلدت، فتبين أنها في نفس اليوم الذي كان يصنع فيه العصيدة. أمثال هذه المواقف كانت تؤثر جداً في قلوب الناس، وهذه الخوارق يا فضيلة الدكتور هي ما سنتحدث عنها ربما
في الحلقة المقبلة فاروق