عقيدة العوام | الإمام الدردير | الحلقة الرابع | أ.د علي جمعة

عقيدة العوام | الإمام الدردير | الحلقة الرابع | أ.د علي جمعة - عقيدة, عقيدة العوام
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. القسم الثاني: النبوات، ما يجب في حق الأنبياء ومنهم سيدنا صلى الله عليه وسلم. فيقول: ويجب للأنبياء عليهم الصلاة والسلام - وهناك عشرون صفة - ومن بينها العصمة، أي لا يمكن أن يرتكبوا ذنباً. لا يمكن أن يخطئ أثناء تأديته للوحي وإلا فإن الأمر سيختلط، فلا يمكن أن يرتكب ذنبًا لأنه مصطفى مختار. كل الأنبياء بما فيهم
نبينا لا يمكن أن يخطئوا في آية أو في تبليغ الوحي. العصمة تعني أنه لا تقع منهم مخالفة لله في أمره ونهيه، فهو وفقهم لذلك، هو خلقهم أبداً أن يخالف أمره ولا يقع في نهيه وكذلك الملائكة. سنتناول هذا الموضوع في السمعيات. وأوجبوا للرسل عليهم الصلاة والسلام تبليغ ما أُمروا بتبليغه للخلق من الأحكام وغيرها من الأحكام: الصلاة والصوم والحج والنذر وما إلى ذلك،
والكفارات والبيع والشراء والزواج والطلاق والشهادات والقضاء. الفقه واسع، فهناك الأحكام وغيرها كاليوم وما فيه من السمعيات يكون إذاً واجباً على الأنبياء، يجب للأنبياء العصمة، وأن تعتقد أنه معصوم فهو صادق وهو فطن وذكي، ليس غافلاً، بل هو سيد الناس، هو ذكي جداً، وهذه العصمة تجعله لا يخطئ لا في معصية ولا في تبليغ، وهو مبلغ، فتكون الفطنة والكياسة
والصدق والعصمة والتبليغ. يمكن أن نلخصهما في العصمة والتبليغ، وأن يكون تحت العصمة الفطنة والكياسة والذكاء، وأن يكون من وجهاء الناس، وألا يكون عبداً، وألا يكون مُهاناً بشيء، وألا يكون... بل هو من سادة الناس. عقيدتنا أن يكون ذكراً حراً، يكون ذكراً حراً، أي أنه لا يصح أن تكون المرأة نبية، لكن يصح إليها يكون ليس كل شخص أوحى إليه نبياً، لأن النبوة تحتاج إلى
تبليغ ومخالطة وما إلى ذلك، وهذا عندما تُكلَّف به المرأة يكون كثيراً عليها. ولكن المرأة يوحى إليها ومع هذا الوحي لا تُعَدُّ نبياً يوحى إليها، لأن الله أوحى إلى أم موسى، ويوحى إليها لأن الله أرسل الملك لسيدتنا وكلَّمها وأحدثَ معجزةً هي نفسها كانت مستغربةً منها، فإذا به يحدث نوعٌ من أنواع الاتصال الذي هو الوحي بين الله سبحانه وتعالى وبين المرأة، لكنه لا يكلفها بأحكامٍ وبشرائع تعانيها مع الناس كما عانى نوح وكما عانى سيدنا موسى وكما
عانى سيدنا النبي، وهكذا تخفيفاً عنها، فقال وغيَّرها غير الأحكام. كاليوم الآخر وما فيه، يريد أن يجعلك تدخل في السمعيات. هكذا انتهينا من النبوات. أتتصور؟ حسناً، انتهينا من النبوات وذكرت فيها كلمتين: العصمة والتبليغ. والعصمة فصّلها الفطنة والذكاء والشرف والصدق. ادخل في السمعيات وما فيه من الحساب والعقاب والصراط والميزان والجنة والنار. كل هذا كان المرء يتخيله، لا، بل لأننا قرأنا القرآن وصدقناه، ولأننا
سمعنا هذا الكلام من النبي، لكن لو كنا وحدنا هكذا من غير نبوة ولا اتصال ولا قرآن ولا شيء، لما خطر في بالنا أن هناك يوماً آخر، وأن في اليوم الآخر حساباً وعقاباً وثواباً، لا تستطيع معرفة ذلك بعقلك. لابد أن تسمعها فتؤمن بها وبالعرش وبالكرسي وبالكتب السماوية والرسل وما وقع لهم من أممهم وبالحور العين والولدان والأولياء وبإسرائه صلى الله عليه وسلم، فهذا ما لم يره أحد، فهذه سمعيات. لقد جاء وقال: "أُسري بي"، فصدقناه. حسناً، فهذا مثل الجنة والنار، صدقناه عن طريق الآية. السمع وبالمعراج وبأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون. وقال: ما الذي أعلمني؟ عرفت من
القرآن، وبشفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. أنا ما الذي أعلمني أن النبي سيشفع فينا؟ النبي عليه الصلاة والسلام أخبرنا بذلك، وبعلامات الساعة، وتجديد التوبة من الذنوب، والرضا بالقضاء والقدر. تمت العقيدة، هذا ما يجب وإذا بها شرحت بعد ذلك في عشرين صفحة، وشُرِحت العشرون صفحة في أربعين صفحة، فإذاً يجب علينا أن نرجع إلى ميراث العلماء وما تركوه لنا حتى نصحح عقائدنا ونسير في طريق الله سبحانه وتعالى على بينة من الأمر، والله تعالى أعلى وأعلم.