مصر أرض المجددين | حـ5 | الشيخ محمد الغزالي | أ.د علي جمعة

اللهم رب اشرح صدورنا ونور قلوبنا ويسر أمورنا وفرج كروبنا فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين. اللهم احفظنا عن أيماننا وعن شمائلنا ومن أمامنا ومن خلفنا ومن فوقنا، ونعوذ بك اللهم أن نُغتال من تحتنا، يا أرحم الراحمين احفظنا يا أكرم الأكرمين من الوباء والبلاء وسوء الأسقام، اللهم يا ربنا. صلِّ وسلِّم على سيدنا محمد ونوِّر قلوبنا بسنته وأحينا على ملته اللهم آمين.
هو أحد أبرز دعاة الفكر الإسلامي في العصر الحديث، عُرف عنه نبذه للتعصب والتشدد والغلو باسم الدين، فانشق عن جماعة الإخوان. كذلك كان مناصراً قوياً للمرأة ولقضايا
المرأة في الكثير من الموضوعات ومثمناً لدورها بناء المجتمع هو فضيلة الشيخ محمد الغزالي. في مصر أرض المجددين، يتمثل محور التجديد عند الشيخ محمد الغزالي في الاهتمام بالفكر الإسلامي وبالدعوة الإسلامية وبإدراك الواقع والتفاعل معه، كما يتمثل في الاهتمام البليغ باللغة العربية. اهتم بقضايا المرأة وبتوسيع دائرة تعليمها وبفتح المجال لإسهاماتها في مناهج العمل والعلم وفي الإصلاح. رحم الله الشيخ محمد الغزالي السقا
رحمة واسعة، فالدكتور علي جمعة أهلاً وسهلاً بحضرتك، أهلاً وسهلاً بكم، أهلاً بكم. فالدكتور لو تحدثنا عن الإمام محمد الغزالي وتحدثنا عن مفتاح مشروعه التجديدي، ما تراه يكون؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن. والله فضيلة الشيخ محمد الغزالي بن أحمد السقا سماه أبوه بهذا الاسم، وهو على فكرة من مواليد ألف وتسعمائة وسبعة عشر، وفي هذه السنة وُلد كثير من الأعلام ومن المفكرين ومن الأتقياء والأنقياء في ألف وتسعمائة وسبعة عشر قبل نهاية الحرب العالمية بسنة. أبوه رأى رؤية
أن... يسميه بالغزالي فسماه محمداً الغزالي، وكان رجلاً من الصالحين، أبوه رحمه الله تعالى ورحمه الله، ألحقنا بهم على الإيمان وكمال الإسلام. وُلد في سبعة عشر وحفظ القرآن وذهب إلى المعهد ونال، وهم كانوا يسكنون قريباً من الإسكندرية. الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تعالى كان محباً للعلم، كان يحكي لي. أنه بعد أن تخرج وحصل على العالمية، والمفروض أنه يبدأ ويشرع في تبليغ الناس،
عُيِّن في وزارة الأوقاف إماماً وخطيباً لمسجد السبع بنات الموجود بين شارع الأزهر وشارع بورسعيد. فكان مسجداً فينظر فيجد مولانا سيدنا الشيخ عبد الفتاح العناني، وكان من كبار العلماء في المعقول والمنقول، كان... يدرس ويدرس الفقه ويدرس علم الكلام، كان علامة كبيرة عبد الفتاح العماني، هذا هو، فكان ينظر من النافذة فيجد الشيخ عبد الفتاح قادماً هكذا من ناحية الأزهر، فيخرج إليه ويمسك به ويقول له: تعال اشرب الشاي، ويُدخله الغرفة ويغلق عليه ويقول له: لن أتركك حتى تعلمني هذا.
وهو متخرِّج ومُوظَّف ويبدأ الشيخ يقرأ معه الكتب، ويرى سماحة الشيخ أنه شخص كأنما يُمسك به من يديه ذاهباً في مشوار لا أحد يخبره عنه، فيجلس ويفعل معه هذا الأمر. كانوا جميعهم هكذا، فالشيخ الغزالي تكوَّن تكويناً علمياً صحيحاً، وهذا أثَّر في مشروعه التجديدي. كيف أثَّر ذلك في مشروعه؟ التجديدي يمكن أن نقول أن مفتاحه أو محوره هو إدراك الواقع إدراكًا صحيحًا للتعامل معه. إدراك الواقع هو مفتاح مشروعه، فمشروعه مبني على إدراك الواقع إدراكًا صحيحًا، لأنه من الممكن أن لا يدرك المرء الواقع أو يدركه
إدراكًا خاطئًا. الذي لا يدرك الواقع هذا جهل بسيط، لكن الذي لا يدرك إدراك الواقع إدراكاً مخالفاً له يُعَدُّ جهلاً مركباً، لكن على كل حال، كان إدراك الواقع هو همُّه الذي يريد أن يوصله للناس، وبناءً عليه نتعامل مع هذا الواقع، فإن كان خيراً قبلناه، وإن كان غير ذلك غيَّرناه. هذه هي القضية، وهي قضية عدم قبول الواقع بما فيه من خطأ وخير وصحيح وكذلك لا، نحن سندرك الواقع إدراكاً صحيحاً ثم بعد ذلك نتعامل معهم، كيف نتعامل؟ نقبل الخير ونترك الشر. عندما جاء الغزالي، رحمه الله تعالى، في بداية حياته انبهر بشخصية
حسن البنا، ولكن هذا الشيخ الغزالي كان يعني انضم إلى الجماعة في فترة من الفترات، سبب مقارنة كان في... مكتب الإرشاد لكنه اكتشف الحال، اكتشف أن هناك جهازاً خاصاً يقتل الناس، يقتل المسلمين. اكتشف وهو كتب هذا أنه والشيخ سيد سابق كانا يسيران، وبعد ذلك وجدا شخصاً فقالوا له: "أنتم جماعة المسلمين أم جماعة من المسلمين؟" فقال له: "لا، نحن جماعة المسلمين"، وهذا معناه الذي ليس إخواناً. يكون كافراً عندما دخل في عهد المقدرات لم يكن الأمر كذلك، كان الأمر تربية وخدمة للمجتمع والناس، جمعية خيرية تؤدي واجبها تجاه المجتمع. لكن أن تأتي وتقول لي إنها أصبحت كذلك، وتصنع لي نظاماً خاصاً تحمل فيه السلاح وتتدرب على السلاح بدعوى أنك ستحاسب
المجتمع وأنك تدخل مجال السياسة من أنت تطورت من رجل صالح إلى إرهابي، أي أنك بدلاً من أن تظل رجلاً صالحاً أصبحت رجلاً إرهابياً. هذا ما حدث مع الإخوان، وزاد الطين بلة أنه اعترض على حسن الهضيبي وغيره، ووصفوه بأوصاف كبيرة. مشروعه كان إدراك الواقع. أنا أريد أن أعرف الحقيقة، كيف أعرف الحقيقة؟ البحث عن الحق ويُدخله ويجعله يدرس له من جديد حتى يكون على وعي تام بأدوات المنطق وبعلم الكلام وبعلم الحديث وبعلم الفقه والأصول، فيصبح قادراً على الفهم. ترتيب الذهن في فهم النص يرتب الذهن في إدراك الواقع. بالتأكيد، ماذا سنفعل الآن؟ لديه حوالي سبعة وخمسين مؤلفاً، عندما
تأتي لتقرأ في المؤلفات. هذه كلها تجد أنها تغير رأيك. طيب، أستأذن حضرتك لنرى بعد الفاصل كيف كان في هذه المؤلفات إدراك ثم إدراك مغير للواقع. إن كان هذا الأمر يعني محاولة لتطوير إدراك الواقع، محاولة لتطوير، فأنت في جوار منزل الإمام محمد الغزالي أحد أشهر دعاة الفكر الإسلامي في العصر الحديث نشأ. في هذه القرية حفظ القرآن الكريم في كُتّاب
القرية وأتم حفظ القرآن الكريم في عشر سنوات، وكان يدرب نفسه على القراءة دائماً، فكان قبل النوم يقرأ الأجزاء. الإمام محمد الغزالي هو مصدر عزة وفخر لأهل القرية التي قدمت لمصر وللعالم العربي والإسلامي نموذجاً فريداً من أصحاب مشاريع التجديد الإسلامي الذي كان الناس يأتون ليجلسوا معه ويستمعوا إلى محاضراته، وكان له مكانة مرموقة بين وجهاء البلد. على الجهة المقابلة للمنزل يوجد مسجد صغير يسمى مسجد السيدة خيرة، هذا المكان الطاهر كان مقصد الإمام ومسكنه للتعبد والمذاكرة ونشر العلم. فضيلة الدكتور علي جمعة، أهلاً بحضرتك مرة أخرى، أهلاً وسهلاً. لا يزال الحديث مستمراً
حول سيرة الشيخ محمد الغزالي ومشروعه التجديدي. حضرتك تفضلت قبل الفاصل وقلت أنه حصل شكل من أشكال تطوير إدراك الواقع في عدد من المواقف. يعني الملاحظ على كتابات الشيخ واختياراته وتطبيقاته أنه اختلف بعدما خرج إلى السفر، فهو كان في مصر لا يسافر كثيراً لكن عندما... سافر إلى السعودية وسافر إلى الجزائر وسافر إلى أمريكا وسافر إلى ماليزيا وسافر وراء الناس. هو رجل صادق، هو رجل من أهل القرآن، هو رجل مخلص وصافي. ففي هذا الصفاء والأزهرية التي هو متشبع بها، وحفظه لكتاب
الله، وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار، وتأمله، كل هذه الأشياء جعلته يعتلي الهم. المسلمون ومسؤوليتهم هي الدعوة إلى الإسلام، فعندما يسافر الشخص يرى أشياء عجيبة وغريبة أخرى. حسناً، وكيف تُحل هذه المشكلة؟ فيغير رأيه ولا يصر على أن "هذا رأيي وكفى"، بل إن رأيه ينضوي تحت خدمة الإسلام، فعندما يرى أن هذا الرأي لا يخدم الإسلام ولا أي شيء، بينما كان يظن أنه الإسلام لكن الذي يخدم الإسلام شيء آخر، يذهب إليه مباشرة وفوراً دون عناء ولا تفكير. فعندما سافر واحتك ورأى وفهم وعُرضت عليه المشكلات، لا غير. يعني عندما تقرأ من
هنا نعلم الذي كان يرد به على خالد محمد خالد، وعندما تقرأ بعد ذلك السنة ما بين ما بين. أهل السنة وأهل الفقه وأهل الحديث مشرب مختلف، نتج من ماذا؟ ما الذي يجعل المشرب هكذا مختلفاً؟ أنه أدرك الواقع بطريقة أعمق. هل هذا يوضح موقفه مثلاً من ومن الاستماع للأغاني أو الغناء ومن المرأة وإنصاف المرأة وإعطائها حقوقها، بعضها وبعضها؟ الطبقة التي تنتمي إليها مشايخ الشيخ الغزالي الذي عبد الفتاح العماني والشيخ أبو المجد والشيخ الجبالي والشيخ عبد المجيد اللبان الذين هم المشايخ العجائز التابعون
للشيخ الشناوي، الشيخ القذر، هؤلاء الناس كان لهم موقف فقهي محترم من ومن الغناء، وأن صوته القبيح قبيح والحسن حسن. فنحن في هذه النقطة، نقطة حكاية المرأة، هو نشأ في بيئة. علمية تحترم المرأة. النقطة المتعلقة والغناء وما إلى ذلك واضحة منذ القدم، ليست مستحدثة. فهناك أمور تغيرت وأمور لم تتغير. كانت البيئة العلمية الرصينة هكذا. ما سبب أن بعض قرّاء الشيخ الغزالي رحمه الله ومنهجه في التجديد وإدراك الواقع وتطوير الإدراك... على الرغم من ذلك، نجد أن بعض التيارات السلفية ترفض بعض
من آرائه، ونرى المعسكر الآخر، أي ما يُسمى بالعلماني أو التيار المدني، أيضاً يرفض بعضاً من آرائه. الموقف من التراث لدى هؤلاء الناس إما أن يكون مقدساً ملتزماً لا يريدون أن يغادروا أي فهمٍ له. للتراث له معنى، يعني إذا خالفتني في أي فهم لدي فنحن أعداء. هذا التشدد والتطرف في الفهم من جهة، والتشدد الآخر من جهة أخرى هو أنه لا يريد الاعتماد على التراث ويريد تدميره وحرقه ورميه في البحر، هذه جهة ثانية. هذا متطرف وذاك متطرف، هذا نسميه نصياً يريد النص. ما هذا أيضاً؟ هذا ليس نصي فحسب،
بل هو نصي الذاتي، أي ما أفهمه من النص، لأنني أفهم النص بطريقة أخرى. قال لي: ادعوا الطريقة. قال: ما شأنك بالسلف الصالح؟ فقلت له: حسناً، أنا على منهج السلف الصالح، أنا أعتقد ما اعتقده البخاري والشافعي وغيرهما. أنا أقول: ادعوا بهؤلاء الجماعة. هذا له علاقة بالسلف؟ أي سلف هؤلاء؟ أمر مرهق، قصة الوقوف عند النص وتقديسه وعدم تجاوزه فيما هو فهمه، لا فيما يمكن أن يُفهم منه. والآخر يقول لي: لا، نريد أن نحرقه ونرميه في البحر. حسناً، أليس هناك نص أساسي؟ انتبه، ليس هناك نص أساسي، فعندما يأتي... شخص مثل فضيلة الإمام الغزالي رحمه الله تعالى يقول: لا، إن هذا التراث كله كنوز، لكننا لا نقف عند مسائله، ونتجاوز ذلك، ونأخذ بمناهجه، وكل ذلك ابتغاء شيء واحد في
مشروع التجديد، وهو إدراك الواقع الذي نتعامل معه، فإن كان خيراً أقررناه، وإن كان شراً رفضناه، هذا الثاني. يريد أن يذهب كأنه في كهف في الجبل ويجلس؛ أي أنه يريد أن يحبس النص في زمن الماضي. لا، فكل المسلمين أجمعوا على أن النص يصلح لكل زمان ومكان. حتى هو نفسه المتكلم مُجمِع أيضاً معنا على أنه يصلح لكل زمان ومكان. حسناً، ماذا نفعل الآن؟ فهمك مخالف للواقع، أنغير لا داعي لهذه السياحة، الله غني، وليس من الضروري تعليم البنات، ما فائدته؟ وانكسر وبنون ونخلص. يعني يفكر بطريقة ستقول لنا إنه
يا ابني يستحيل - على فكرة - أن ما تفعله هكذا يكون صالحاً لكل زمان ومكان، هذا مستحيل صحيح، لا يفهم هكذا، يقول يعني. ماذا تريدون؟ أتريدون أن أفرط في ديني؟ لا يا حبيبي، دينك هذا الذي تفهمه هو فهم خاطئ وقاصر، وهناك فهم آخر يحقق تلك القاعدة التي أنت متفق معنا فيها، وهي أن هذا الدين إنما هو للعالمين، وأن هذا الدين يصلح لكل زمان ومكان ولكل شخص وحال، وليس ما تقوله أنت. تنقضه، فالإمام الغزالي مشروعه المفتاح هو المحور، هو التعامل مع إدراك الواقع للتعامل معه قبولاً وتغييراً، هذا هو المفتاح الذي اشتغل عليه. اقرأ الكتب السبعة والخمسين الخاصة به تجدها هكذا،
كلها تدعو الناس إلى أن تفهم، كلها تدعو الناس إلى أن تتمسك، كلها تدعو الناس إلى أن يكون فهمها. رحيمًا أن يكون فهمها طبقًا للمنظومة الأخلاقية، أن يكون هذا مرة يقول ماذا في كتاب له أن الإمام الغزالي الكبير ألف كتابًا اسمه "إلجام العوام"، ووددت لو أنني ألفت كتابًا على طريقته اسمه "إلجام الرعاع"، إلجام الرعاع والأغمار عن التصدر للفتوى وشتم الكبار. لا حول ولا قوة. إلا بالله يعني فلو كان عائشاً معنا في فترة قريبة لما كان قد ألّف هذا الكتاب، كان يتمنى بالضبط أن يؤلف كتاباً سماه "إلجام العوام عن علم الكلام" لأنهم سيتشوشون، وهنا "إلجام الرعاع والأغمار". آه،
هذا العنوان فقط، ولو كان الكتاب موجوداً لكنا قد رأينا ما فيه. في وضعية أخرى، فإذا هو يريد مشروعاً وهو جدد فعلاً هذا الأسلوب الذي كتب به ونقل هذا الدين، وهذه الخطابة التي خطبها في الأماكن المختلفة، وخاصة عندما كان في مسجد عمرو بن العاص خطيباً، وهذه الطريقة التي اتبعها وهو مدير الدعوة ووكيل وزارة الأوقاف لهذه الشؤون لا بدعة، بل جديدة. وتصبح المدرسة تقلد وتتخذ نموذجاً لتكرارها ولشيوع،
أنا شاكر لفضيلتك جزيل الشكر وفضيلة الشيخ الدكتور علي جمعة، شماتة وتفاصيل حياتهما في فيديوهات بمواقع التواصل الاجتماعي، ويزيد الطين بلة أن يكون ذلك لتحقيق بعض الأرباح، هذا حرام شرعاً، أما من الناحية الاجتماعية فهو نوع من أنواع الفجور بل ونوع من أنواع. التفلت غير
المحمود، اترك هذا السلوك لوجه الله. يا رب أعني على إقامة الصلاة واهد الناس إلى الحفاظ عليها يا رب حتى يدخلوا في دائرة رضاك. إننا لا نهدي من أحببنا فاهد أنت من أحببت يا رب. نسألك سواء السبيل.