#نوادر_الصحابة | الحلقة الأولى | الصحابي " أبو الدحداح"

#نوادر_الصحابة | الحلقة الأولى | الصحابي " أبو الدحداح" - شخصيات إسلامية, نوادر الصحابة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، أحييكم بتحية الإسلام، وتحية الإسلام السلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في
حلقات متتالية نلتقي بها في هذه الأوقات الكريمة. الشريفة مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع نوادرهم مع طرائفهم مع مواقفهم مع قلوبهم النقية التي نريد أن نتعلم منها ما يساعدنا في معرفة أسباب هذه السعادة التي نالها الصحابة الكرام في الدنيا وفي الآخرة إن شاء الله تعالى. نريد أن نفرح القلوب ولا نقف عند نريد أن نتجاوز هذه المباني والألفاظ إلى المقاصد والمعاني،
نريد أن نستخلص من الصفات التي كان يقوم بها الصحابة الكرام وتقوم بهم شيئًا يسعدنا ويُدخل الفرحة في قلوبنا، وفي الوقت ذاته يُرضي الله سبحانه وتعالى عنا، ونكون كما كانوا محلًا لنظر الله وتنزلات السكينة الإلهية على القلوب، ونكون كما كانوا. في ثقةٍ بالله وثقةٍ بالنفس، ونكون كما كانوا محلاً لتنزلات الأنوار، ولكشف معاني الأسرار، وللفهم العميق لكتاب الله المستور القرآن، ولكتاب الله المنظور تلك الأكوان
التي حولنا، عسى أن يرضى عنا الرحمن سبحانه وتعالى. اقرأ باسم ربك الذي خلق، الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علّم بالقلم. علّم الإنسان ما لم يعلم في حلقات متواصلة إن شاء الله تعالى. نعيش مع صحابي قد لا يسمع به كثير من الناس، لكنه كانت فيه خصلة نحتاج إليها في معيشتنا، ونحتاج إليها في فهم أعمق لكتاب الله ولسنة رسول الله، ونحتاج إليها في فهم أعمق لدين الله إذا
عرفنا ذلك. انكشفت لنا الحقيقة وعرفنا صورة الإسلام الحقيقية وأدركنا أننا نحتاج إلى تجاوز الزمان والمكان والأشخاص والأحوال، وأن نصل قلوبنا بالله رب العالمين وحده لا شريك له. نحاول ونحن نبحث في أحوال رجال ونساء حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد لا يسمع عنهم كثير منا، أن نكتشف طرائفهم. نحاول أن نكتشف معانيهم حتى نعيش في هذه الأيام الشريفة الكريمة معيشة الصحابة الكرام. هيا بنا مع نوادر الصحابة رضي الله تعالى
عنهم وأرضاهم. صحابي قد لا يعرف كثير من الناس بل كثير من العلماء عنه شيئاً وهو سيدنا أبو الدحداح الأنصاري، كان أباً لابن يسمى بالدحداح ولذلك كان يُدعى. زوجته أم الدحداح، فمعنى أسرة كريمة تتكون من أبي الدحداح ومن أم الدحداح. وقيل إن أبا الدحداح رضي الله تعالى عنه واسمه لم يرد في الكتب ولا يعرفه كثير من الناس أنه مات شهيداً في أُحد. والطريف في أبي الدحداح أنه
تساوى عنده القليل والكثير، فلم تعد الأمور كمية. بل صارت مرتبطة بالله فالقليل كالكثير لا يُنظر إلى كميته ولكن يُنظر إلى ما وراءه. جاء شخص إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل المدينة وذهب وقال له: "يا رسول الله، عندي بستان"، وكانوا يسمون البستان الحائط، "عندي بستان وجاري لا بد أن يعطيني إياه على سبيل العارية".
النخلة التي في بستانه، حتى أستطيع أن أقيم بستاني وأن أقيم فيه نخلة أخرى، وهذا البستان أفعله لمصلحة يتيم. فالنبي صلى الله عليه وسلم أتى بصاحب البستان الأول، وإذا كان أبو الدحداح مات في أحد شهيداً، فنحن نتكلم الآن في السنة الأولى للهجرة أو السنة الثانية لأن أحد حدثت. في السنة الثالثة للهجرة، ما زال بعض المشركين من أهل المدينة، وما زال بالمدينة منافقون، ولا زال بالمدينة يهود من بني
قَينُقاع ومن بني قُرَيظة ومن بني النضير إلى آخره. فلا زالت المدينة في مرحلتها الأولى، ولا زالت تحت صحيفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أتى بذلك. صاحب البستان وطلب منه أن يعير أخاه تلك النخلة فرفض وأبى. قد يكون صاحب البستان مسلمًا، لأن رسول الله عندما يتشفع بأحد من المسلمين فإنه لا يقهر ولا يضغط على المسلم ما دام الأمر مباحًا وما دام الأمر فيه خير، لأن الخير لا بد أن ينبع من صاحبه لا على سبيل الإكراه والقهر، فالنبي له الشفاعة فقط،
ثم يستجيب الشخص أو لا يستجيب. لكن في الحقيقة أنه عند عدم الاستجابة، فكان الإنسان لا يعرف مَن يُكلِّم. هذا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. أبو الدحداح نظر إلى هذا وقال: أتعرفون مَن تُكلِّمون؟ أبو الدحداح عنده بستان، والبستان فيه ست نخلة في بستان كبير ضخم، فجاء إلى صاحب تلك النخلة التي أبى أن يبيعها أو أن يتنازل عنها أو أن يعيرها لصاحب البستان: "اليتيم، أعطني تلك النخلة بهذا البستان". الرجل كاد يُجن: "ما هذا؟ هل أنت صادق؟" قال: "نعم". فأخذ منه النخلة وما حولها
حتى يضمها إلى البستان الجديد. الذي هو لليتيم وأعطاه حائطه وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: "يا رسول الله، من يأتك بهذه النخلة ماذا يكون له عند الله؟" قال: "يكون له عند الله نخلة في الجنة". قال: "إذاً يا رسول الله، أنا لي عند الله نخلة في الجنة لأنني بعتُ البستان". بتلك النخلة وها أنا أعطيها لليتيم لوجه الله. قال: "إذا ربح البيع يا أبا الدحداح، ربح البيع يا أبا الدحداح". وذهب أبو الدحداح ونادى
على زوجته وعلى أبنائه، وكانوا يسكنون في هذا البستان: "يا أم الدحداح، لقد بعنا البستان بشجرة أو بنخلة في الجنة". ففرحت أم الدحداح وقالت له: "يا... أبو الدحداح ربح البيع، ربح البيع. ما هذا؟ هذه من طرائف الصحابة ونوادرهم. هذه نادرة، لا بمعنى أنها لم تكن كثيرة التكرار، بل بمعنى أننا قد افتقدناها في حياتنا. هذا النوع من الكرم، هذا النوع من التوكل على الله، هذا النوع من السخاء، هذا النوع من الثقة بما في يد. الله سبحانه وتعالى افتقدناه كثيراً وغاب عنا كثيراً في عصرنا الحاضر، نريد أن نسترجع
هذه القيمة وأن نجعلها في حياتنا وأن ننشئ بها برنامجاً يومياً نعيش فيه، سنرى السعادة بأعيننا، سنعود مرة أخرى لصلة واضحة وإن كانت مستورة خفية بين العبد وبين ربه، هذا القلب الذي تعلق بالله لا يمكن. أن يسفك الدماء هذا القلب الذي تعلق بالله وبحب الناس لا يمكن أن يفسد في الأرض، هذا القلب الذي كان في جنبات أبي الدحداح وأم الدحداح رضي الله تعالى عنهما لا يمكن إلا أن يفهم كلام النبي بل كلام الله سبحانه وتعالى على وجهه
الصحيح. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،