#نوادر_الصحابة | الحلقة التاسعة عشر | الصحابي " زاهر بن حرام "

#نوادر_الصحابة | الحلقة التاسعة عشر | الصحابي " زاهر بن حرام " - شخصيات إسلامية, نوادر الصحابة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في نوادرهم ومواقفهم التي لا يعرفها كثير منا، نحاول أن نستخلص العبر وأن نتجاوز الزمان والمكان والأشخاص حتى نصل إلى العبرة. التي
نعيش بها في حياتنا فنكون أكثر سعادة وأكثر اطمئناناً وأكثر ذكراً لله سبحانه وتعالى وتعلقاً بحبه وبحب نبيه صلى الله عليه وآله وسلم. ومعنا اليوم زاهر بن حرام، وكان زاهر رضي الله تعالى عنه وأرضاه يسكن في البادية قريباً ما بين مكة والمدينة، وكان زاهر يأتي يزور المدينة كل حين يأتي للنبي صلى الله عليه وسلم بشيء من طرف الصحراء، فالصحراء على ما فيها
من جفاف واحتياج إلى الماء وتصحّر ورمال، إلا أنه يوجد بها طرائف ونوادر جميلة، فكان زاهر رضي الله تعالى عنه يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم بطرفة من هذه الطرف مما تتميز. به البادية ومما يتصور الإنسان أن يكون زاهر قد أتى بشيء منها للنبي صلى الله عليه وسلم التشكيلات التي تكون من السيليكون من الرمل وهذه التشكيلات قد تتطور بفعل المناخ إلى
ما يسمى بالأحجار الكريمة وهذه التشكيلات تكون في تكتلات بلورية يمكن أن توضع كتحفة في البيوت وهي ما زالت إلى الآن في بيوت الأثرياء نجد مثل هذه التكوينات التي تدل على أنها قد جاءت من المناجم، هذه التشكيلات يوجد منها في الصحراء الكثير، فكان البدوي إذا رأى شيئاً لائقاً نادراً طريفاً يأتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أيضاً من الأشياء التي توجد في الصحراء النباتات فالنباتات التي لا تحتاج كثيراً
إلى الماء مثل أنواع الصبار وأشكاله وألوانه، فله ألوان وأشكال كثيرة جداً، وزهرة الصبار زهرة جميلة ولا تحتاج إلى ماء. فكان من الممكن أن يأتي زاهر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدلله بـ"أزُيهير" يعني يصغّر اسمه تدليلاً، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ويقول زاهر: "باديتنا". قال محمد - يعني هو البادية الخاصة بالظهير البدوي لنا ونحن في الحضارة ونحن حاضرته - وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدخر الأشياء التي تنفع
زاهر في صحرائه وفي ترحاله بالصحراء، فيمده بالحبوب، ويمده بالطعام، ويمده بأنواع الملابس، وهكذا مما يحتاج الأمر فيها إلى زراعة أو أمر لا يوجد في الصحراء. كان زاهر رضي الله تعالى عنه وأرضاه فقيراً، وكان زاهر رضي الله تعالى عنه وأرضاه دميم الخِلقة، ولكن النبي يتجاوز عن هذا ولا يقف، ويعلمنا ألا نقف عند الأشكال ويصل إلى المعاني، إلى هذا الإنسان الذي لا يأتي إلا مع فقره ومع دمامته. بيده هدية لرسول الله صلى الله عليه وسلم من طرف البادية إنه الحب زاهر،
باديتنا ونحن حاضرته. وجد النبي صلى الله عليه وسلم زاهراً في يوم من الأيام وهو يبيع متاعاً له في السوق، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل المداعبة بيديه على عيني زاهر وزاهر لم يعرف من هذا فقال: "من هذا؟ أطلقني!" يعني من الذي يمسكني هكذا. ويُؤخذ منه ما يفعله بعض الشباب حين يمزحون مع بعضهم في تغمية العينين ويقول له: "من أنا؟" مثلاً أو نحو ذلك. فالتفت وعرف أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ زاهر يلصق
ظهره بصدر النبي صلى الله والنبي يقول: "من يشتري العبد مني؟ من يشتري العبد مني؟" يداعب زاهراً، وهذا قمة الحب. زاهرٌ يقول له: "والله يا رسول الله، إنك تجدني بضاعة كاسدة، من الذي سيشتري بدوياً؟ ومن الذي سيشتري دميماً؟ ومن الذي سيشتري فقيراً؟" ولذلك يشير زاهرٌ إلى هذا: "إذا لوجدتني بضاعة كاسدة". فيقول: "ولكن عند الله رابحٌ، وفي رواية عند الله غالى، لأنه يحب الله ورسوله، لأنه مسلم، وإن ترك الحضر، وإن ترك المدينة، لكنه يعيش
في حاله ويعيش في حبه لله ولرسوله في البادية. ولكنك عند الله غالى. زاهر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، تركه النبي صلى الله عليه وسلم في البدو، وكان النبي. كان حريصاً على توطين البدو على أن يتركوا البادية لما فيها من صعوبة ولما فيها من شتات ولما تُربي عند الإنسان من معانٍ يحاول فيها أن يدافع عن نفسه، ولذلك اللجوء إلى مفاهيم القبلية ونحو ذلك، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كل من تحضّر ألا يعود إلى البداوة مرة أخرى إلا في وقت الفتن، إلا في وقت تُراق فيه الدماء، فحينئذٍ يجوز
لمن تحضّر بعد البداوة أن يرجع إلى البادية مرة أخرى. وكان يقول في هذا: من كان له شاة فليلحق بشاته، ومن كان له بقر فليلحق ببقره، ومن كان له إبل فليلحق بإبله. لكن بعد هذا التطور من البدو إلى الحضر لا يجوز مرة أخرى أن نرجع، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكلف الناس ما لا يطيقون، هكذا يجب أن نتعلم. فكان يترك زاهراً في البادية، لا يأمره أن يرحل إلى المدينة، لأن زاهراً قد تعود على حياة البدو، لا يستطيع أن يخلع نفسه منها، وهكذا. كان النبي صلى الله عليه وسلم دائمًا لم يُخرج أحدًا قط من عاداته وتقاليده وأعرافه،
من أزيائه، من مأكله، من مشربه، بل ترك الناس تعيش، لأن هذا الدين دين عالمي ينبغي على كل الناس أن تدخل فيه، ولذلك لم يغير لغاتهم ولم يغير ملابسهم ولم يغير عاداتهم، وهكذا فعل المسلمون. عندما دخلوا فارس والعراق والشام ومصر ثم سائر البلدان إلى الأندلس في الغرب إلى الهند في الشرق وإلى الصين، لم يغيروا عادات الناس، بل طالبوهم أن يعبدوا الله الواحد الأحد الفرد الصمد. إذاً فزاهر أيضاً يدلنا على هذا الفعل الكريم أن الإسلام لم يُكرِه الناس على زمن معين وعلى... شكل معين وعلى ملابس معينة بل تركهم يعيشون
كما يحبون وكما تعودوا مصداقًا لقوله تعالى "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين" وهذا الذي طبقه الصحابة حتى أنهم لما دخلوا فارس صلوا في سراويلهم، يعني لبسوا البنطلون وصلوا في البنطلون الذي يخص فارس، كان النبي صلى الله عليه وسلم والعرب كانوا ليسوا أهل صناعة، كانت تأتيهم القباطي من مصر، وكانت تأتيهم السيوف من اليمن أو من الهند، ولذلك لم يكن صلى الله عليه وآله وسلم أبداً يحاول أن يُخرج الناس من أعرافهم ومن تقاليدهم ومن أحوالهم، بل إنه دائماً وأبداً ما كان يُقر هذا، فـ "زاهرٌ باديتنا ونحن حاضرته"
كان النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يفعل هذا. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.