#نوادر_الصحابة | الحلقة الثالثة عشر | الصحابي " عبادة بن الصامت "

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع الصحابة الكرام في نوادرهم ومواقفهم نعيش هذه اللحظات مع سيدنا عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
كان سيدنا عبادة من أهل المدينة وكان رجلاً جسيماً طويلاً. وله جسمٌ قويٌّ، وكان رضي الله تعالى عنه أسودَ، كان شديد السواد، لكنه مع ذلك كان جميلاً جداً، وجهه كله نور. عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه كان من أولئك النفر من الأنصار الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة، فكان من السابقين من أهل المدينة. إلى الإسلام عبادة بن الصامت كان من أولئك النفر الذين حفظوا القرآن كله وكان منهم أبي
بن كعب، كان منهم أبو أيوب الأنصاري، كان منهم أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه، كان منهم سعد بن معاذ، فكانوا جميعاً قد جمع الله لهم القرآن فكانوا من حفاظه، ولذلك لما أراد سيدنا عمر جمع الناس في المدينة في صلاة التراويح، وجعلهم يصلون خلف أُبَيّ بن كعب رضي الله تعالى عنه، لأنه كان يؤم الناس في شهر رمضان فيختم بهم القرآن. وكان عبادة بن الصامت من هؤلاء الخمسة الذين جمعوا القرآن من الأنصار. وهناك طوائف أخرى من خارج المدينة ومن خارج مكة
جمعوا القرآن وكانوا... كثيرين، إلا أن هؤلاء الخمسة كانوا من المدينة. عبد الله بن مسعود جمع القرآن كله، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في شأنه: "من أراد أن يسمع القرآن كما أُنزل فليسمعه بقراءة ابن أم عبد". ابن أم عبد هو عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه. عبادة بن الصامت كان رجلاً طويلاً أسود يحفظ القرآن رقيق القلب يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان فصيحاً. سيدنا عبادة بن الصامت كان رجلاً تقياً لدرجة أنه كان يسمع سلام الملائكة عندما
كان يدخل إلى بيته كرامةً من عند الله سبحانه وتعالى. كان النبي صلى الله عليه. وسلم يكره أن نعالج جروحنا بالكي، وسيدنا عبادة نزف عليه في يوم من الأيام دمل، فأراد أن يكويه فكواه، فلم يعد يسمع سلام الملائكة، وعرف أن رسول الله كان يكره الكي، فترك الكي. ترك الكي من أجل ولو تحمل ألم الجرح من أجل أن تعود له تلك اللذة العظيمة التي يتمتع بها الإنسان عندما يسمع سلام الملائكة وبركة هذا السلام في البيت. عبادة
بن الصامت لما حارب بنو قينقاع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وناصبوه العداء، وكانت بينه وبين يهود علاقات ومصالح وتجارة، فإنه تبرأ منهم وقال: "يا رسول الله، إني تبرأت من يهود وإني لا أحب أن" ابقَ معهم، وكان عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين، ومعه علاقات ومصالح مع اليهود أيضاً، فقال: "أما أنا فلا أستطيع أن أقطع علاقتي مع اليهود". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا الحباب، خذ لك مَن قطع من عبادة مع اليهود"،
يعني افرح بهم، خذهم، خذهم. مصالح كانت تتعلق بعبادة مع اليهود فاتركها أنت. فعبادة كان محبًا لله ومحبًا لرسوله صلى الله عليه وسلم، عابدًا حافظًا. ثم إنه أيضًا مع كل هذا كان دبلوماسيًا. عندما دخل عمرو بن العاص مصر، كان للروم والٍ في الإسكندرية هو المقوقس، والمقوقس هو الذي أرسل إلى رسول الله. صلى الله عليه وسلم بالرسالة فأجابه بهدية، وكانت هدية المقوقس لرسول الله صلى الله عليه وسلم عبارة عن بغلة كان رسول الله يطلق عليها دلدل، ومعها
زق عسل، والزق هو الوعاء الجلدي، وعاء مملوء بعسل النحل، وفي الرواية أنه من عسل بنها -هكذا بالكسر- ولذلك المنسوب إلى مدينة أو قرية. بنها هذه بنهاوي، نحن ننطقها الآن بنها، وهي في طريق الإسكندرية الزراعي. من هذا المكان كان مشهوراً بالعسل، وبالمناسبة هو ما زال مشهوراً بالعسل إلى يومنا هذا. فالمقوقس كان يسكن الإسكندرية، فلما دخل عمرو بن العاص مصر، ومصر كأنها دولة والإسكندرية دولة أخرى، أراد أن يرسل للمقوقس يذكره
بتلك الرسالة. وبهذه الهدية لعل الله سبحانه وتعالى أن يدخله الإسلام. أرسل المقوقس بغلة اسمها دلدل وزقّ عسل، وأرسل جاريتين: ماريا القبطية وقد أسلمت وكانت من ملك يمين النبي صلى الله عليه وسلم، ورزقه الله منها بابنه إبراهيم عليه السلام الذي مات صغيراً بعد عامين، وأختها سيرين. وسيرين زوّجها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحد أصحابه ولعله أن يكون حسان بن ثابت وهي لم تُسلم في أول الأمر ولا نعرف مالها ولكن مارية رضي الله تعالى عنها أسلمت وحَسُنَ إسلامها ورزقه
الله منها بالولد الذي مات فبكاه وقال: "إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول ما يُغضب الله" عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه يرسل وفداً إلى المقوقس وعلى رأسه عبادة بن الصامت الذي نتحدث عنه اليوم. كان عبادة أسود وجسيماً، فلما دخل الوفد وهو فيهم خافه المقوقس. لقد أوقع الله الهيبة في قلبه، فتقدم عبادة لأنه رئيس الوفد، فقال المقوقس: "أما هذا فلا، اختاروا من أنفسكم
أحدكم ليكلمني فإني لا أحب". أن أنظر إلى هذا الأسود فقالوا: "هذا سيدنا وهذا خيرنا وأتقانا، لا يكون إلا هو ولا نصدر إلا عن رأيه". أنت أصلاً عندما تتفاوض لن تستطيع التفاوض. الذي معه قال: "إذاً فليتقدم". فتقدم عبادة، فقال له المقوقس: "إنني أهابك وأخاف منك، فتكلم برفق"، لأنني لست بحاجة للمزيد، تكلم برفق. فإني أخافك. فقال: فماذا لو اطلعت على من خلفنا؟ يعني كأنه يداعبه أو يوقع الخوف في قلبه. المقوقس
كان رجلاً، وما دام قد أرسل هدية إلى رسول الله، فهو رجل دبلوماسي. ويبدو أنه أيضاً كان رجلاً طيباً، لم يفعل ما فعله كسرى. فقال عبادة بن الصامت: فإن السواد عندنا. ليس بمعيب أن يكون الإنسان أسود أو أبيض أو أحمر، ليس هذا بمعيب. هكذا كانت العرب أصلاً، ثم جاء الإسلام ليؤكد هذا، وأنه لا فضل لأبيض على أحمر إلا بالتقوى، وأنه لا فرق بين الأبيض والأسود. وكان هناك أربعون صحابياً من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لونهم أسود، منهم عبادة بن الصامت. ومنهم بلال بن رباح وغيرهم أربعون شخصاً على اللون
الأسود، وجادل عبادة بدبلوماسية المقوقس. إذاً، فهذا هو عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه وأرضاه، التقي النقي العالم. تزوج عبادة بأم حرام بنت ملحان، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي دارها فتفلي رأسه، وكان النبي صلى الله. عليه وسلم يحب قال أم ملحان سليم بنت ملحان أم أنس خادمه وأم حرام بنت ملحان زوجة عبادة ابن الصامت رضي الله تعالى عنه، وفي مرة ضحك وهو في بيتها فقالت: "ما يضحكك يا رسول الله؟" قال: "أقوام من أمتي يسيرون
بسفن كأنها سُرر يذهبون إلى الروم" فقالت: "أدعو الله". أن يجعلني منهم، ففعلاً خرج عبادة وخرجت معه أم حرام بنت ملحان رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وألحقنا بهم على خير. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مسابقة برنامج نوادر الصحابة والجائزة رحلة عمرة. سؤال حلقة اليوم: أول أهل بيت النبي لحاقاً به. بعد وفاته فاطمة زينب أم كلثوم اتصل على رقم الهاتف المحمول اثنين ستة صفر صفر أو من أي رقم أرضي على صفر تسعمائة تسعة وخمسون أو أرسل رسالة على تسعة وخمسين وسبعة عشر وسبعة وسبعين أرسل حرف عين في بداية الرسالة ثم مسافة ثم رقم الإجابة الصحيحة.