#نوادر_الصحابة | الحلقة الثالثة والعشرون | الصحابية " خولة بن ثعلبة "

#نوادر_الصحابة | الحلقة الثالثة والعشرون | الصحابية " خولة بن ثعلبة " - شخصيات إسلامية, نوادر الصحابة
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. معاً وفي هذه الحلقة مع إحدى الصحابيات الجليلات رضي الله تعالى عنهن وعن الصحابة أجمعين. امرأة سمع الله سبحانه وتعالى شكواها
من فوق سبع سماوات. امرأة ذكرها الله سبحانه. وتعالى في القرآن بالضمير إليها "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير". هذه خولة بنت ثعلبة، وخولة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، كانت متزوجة من أوس بن الصامت، وكان رجلاً كبير السن حينئذ، فقالت: ضَعُفَ شأنه وضَجِر، يعني أصبح.
يتعصب بسرعة وهذا شأن كبار السن، لا بد علينا أن نتحمل أزعاجهم لأن هذا شيء طبيعي. وبعض الشباب يظن أن المسن يضجر من غير سبب، ولكن الأمر ليس كذلك، بل إنه يضجر بطبعه بأعصابه التي تحملت الكثير في بناء المجتمع والناس. فيجب على الشباب أن يتحمل الشيوخ والمسنين. ابن الصامت ضجر وضاق خلقه، يعني لم يعد حليماً متأنياً هادئ البال أبداً، فهو يتعصب كثيراً وبسرعة ولأقل الأسباب.
فطلب من خولة رضي الله تعالى عنها شيئاً فتأخرت عنه، فقال لها: "أنتِ عليّ كظهر أمي". وهذه كلمة كانت تعني الفراق وانفصال الزوجين عند العرب في الجاهلية، هذا التعبير "أنتِ عليّ...". كظهر أمي، فكأنه أنزلها منزلة الأم، والزواج بالأم حرام، ولذلك فكأنه حرّم زوجته على نفسه، فهو نوع من أنواع الانفصال أو نوع من أنواع الطلاق. ثم بعد ذلك خرج إلى السوق وجلس مع أصحابه ورجع، فإذا به يراودها عن نفسها فأبت وقالت: "والله لا
أمكنك حتى نرفع أمرنا إلى رسول". الله صلى الله عليه وسلم فيرى فينا حكمة لأنها على ما تعودته في الجاهلية. هذا نوع من أنواع الطلاق وهو طلاق صعب وكانوا يسمونه بالظهار، وهذه الكلمة أتت من كلمة "عليَّ كظهر أمي". وذهبت إلى جارة من جيرانها فاستعارت منها ثوباً تلبسه حتى تذهب إلى رسول الله صلى الله عليه. يجب علينا ونحن نقرأ ونسمع هذه المواقف والنوادر أن نتخيل كيف كانوا يعيشون، أي كأنها ليس لديها ثياب وليس لديها ما تستر به نفسها، فتذهب إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتستعير من جارتها وتذهب. فكيف كانوا بهذا النقاء، بهذه القوة، بهذه الهمة؟ أي قناعة كانوا يعيشون فيها وهم... لهم رحلة إلى اليمن ولهم رحلة إلى الشام وهم على اتصال بالفرس وعلى اتصال بمصر. دخلوا حدائقهم وقصورهم وأموالهم وشاهدوا الدنيا، فكيف كانوا يعيشون في هذا الحال في رضا وفي قناعة؟ القضية عندهم أهم من المتع ومن الأشياء، من عالم الأشياء. خولة ذهبت تحكي أمرها إلى رسول الله صلى الله. عليه وسلم وقالت: يا رسول الله، أكل عُمري، وبعد أن انقطع
الولد، يعني لم تعد تحمل، ومعنى هذا أن خولة فوق الخمسين مثلاً حينئذٍ، وتعِب ظهري، وأكل عمري، يُظاهرني ويرميني. كانت عائشة جالسة لكنها لا تسمع كل هذا، إنما تسمع كلمة أو كلمتين من الحوار الذي جرى بين خولة وبين وكانت تتعجب وتقول سبحان الله الذي سمع خولة وهي تناجي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا جالسة بالقرب منهما فلم أسمع إلا الكلمة والكلمتين. خولة اشتكت إلى النبي وكان النبي يقول لها: "ابن عمك وعمك وأبو أولادك ورجل
شيخ كبير ضعيف، فاتقي الله يا خولة"، وهي تبكي وتشكو حالها وماذا. سَتَفْعَلُ الآنَ؟ هَلْ تَعُودُ إِلَيْهِ؟ هَلْ تَجْلِسُ مَعَهُ فِي انْفِصَالٍ جَسَدِيٍّ؟ هَلْ تَعُودُ وَكَأَنَّ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ؟ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَتَغَشَّى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَحْيِ، تَغَشَّى الْوَحْيُ النَّبِيَّ، وَقَالَ لَهَا: "لَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ فِيكِ قُرْآنًا"، وَتَلَا عَلَيْهَا بِدَايَاتِ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ: "اذْهَبِي وَاجْعَلِي..." قال ابن عمك يحرر رقبة، يعتق رقبة. قالت: والله ليس عنده رقبة. قال: إذاً
فليصم شهرين متتابعين. قالت: لا يستطيع هذا، إنه رجل كبير. قال: إذاً فليخرج إطعام ستين مسكيناً. قالت: ليس عندنا مال نخرج به. قال: سنعطيه عرقاً - والعرق هذا يعني كفاً من ثلاثين. قالت: وسأعطيه من عندي ثلاثين على سيدنا وثلاثين على خولة، فقال: "أحسنت، إذاً أخرجيه عن ابن عمك". يجوز هنا للإنسان أن يتوكل ويخرج من ماله ومن تبرعات أخرى الكفارات. أخرجيها عن ابن عمك وارعيه
واتقي الله فيه، اصبر عليه ووسّع صدرك، اخدميه، انظري ممَّ يغضب ولا تفعلي ذلك، وكان دائماً سيدنا... رسول الله صلى الله عليه وسلم يحافظ على الأسرة وكان دائماً ينصح هذه النصائح مرة للرجال ومرة للنساء، فمن أخذ كلامه للرجال فقط إذا ضاع الرجال، ومن أخذ كلامه للنساء فقط إذا ضاع النساء. بهذا الشكل يعني النساء يأمرهن بالصبر وبالتحمل وبطاعة الزوج وما إلى ذلك، ولكن يأمر الرجل أيضاً الخُلُق وبالعطاء وبعدم البخل وبرعاية وبالعناية وبحسن العشرة فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع هذا التوازن بين
الزوج والزوجة. خولة رضي الله تعالى عنها كبرت في السن والتقت مرة بعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في الحج وعمر حينئذ أمير المؤمنين يعني نحن نتحدث الآن بعد وفاة النبي. صلى الله عليه وسلم، أو بعد هذه الحادثة بأكثر من عشر سنوات، وكانت قد كبرت في السن، فأوقفته في الطريق هكذا. إذ خولة كاشفة لوجهها ولم تكن تغطي وجهها لأن عمر عرفها، فأصغى إليها سيدنا عمر. كان طويلاً
فأصغى إليها برأسه، أي نزل رأسه هكذا ليسمع ما تقوله، ووقف. معها مدة عندما كان عمر يسير في الحج والناس خلفه، وأمير المؤمنين هذه مكانة عظيمة عند العربي، فقد أوقفت الناس. وبعد أن انتهت خولة من حديثها مع عمر رضي الله تعالى عنه، قال أحدهم: "يا عمر، من هذه العجوز التي أوقفت الناس؟" فقال: "سبحان الله! ألا تعرف من هي؟ إنها ثعلبة التي سمع الله كلامها وجدالها من فوق سبعة أرقُع، أفلا أستمع لها؟ فماذا كانت
تقول؟ قول بنت ثعلبة لعمر كانت تقول له: "يا عمر، اتقِ الله"، يعني تقدم له نصيحة. "يا عمر، اتقِ الله، فقد كنت تُدعى في عكاظ بعمير، ثم صرت عمر، ثم صرت بعد ذلك أمير المؤمنين". فلا تنسَ أنك كان اسمك عُميْر وأنت صغير، ومن هنا ذهب اللغويون إلى أن عُمر ممنوع من الصرف، وأنها ليست جمع عُمرة، لأنها عندما صُغِّرت قالت عُمَيْر ولم تقل عُمَيْرة. قصص الصحابة ونوادرهم ومواقفهم فيها ما
يُفرح القلب، وفيها ما يُعلِّم العقل التفكير المستقيم. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    #نوادر_الصحابة | الحلقة الثالثة والعشرون | الصحابية " خولة بن ثعلبة " | نور الدين والدنيا