#نوادر_الصحابة | الحلقة الثانية عشر | الصحابي " حكيم بن حزام "

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع صحابي جليل آخر له حال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع نفسه، عاش ستين سنة في الجاهلية وعاش مثلها ستين
سنة في الإسلام فكان. من المعمرين توفي عن مائة وعشرين عاماً، رضي الله تعالى عنه وأرضاه. هذا هو حكيم بن حزام، عمته خديجة أم المؤمنين زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها السلام. كان جبريل ينزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقول إن الله يُقرئ خديجة السلام، فيقول لما يُبلغ خديجة عليك. وعليه السلام، يعني على النبي وعلى جبريل. خديجة بنت خويلد، وحزام
أخوها. فإذا هو حكيم بن حزام بن خويلد. حزام أخو خديجة، وخديجة أخت حزام حكيم إذاً عمته خديجة. فكان يأتي إلى البيت، إلى بيت رسول الله. وكان يحب النبي صلى الله عليه وسلم زوج عمته، لكنه كان يحبه لأمانته. وصدقه ووجاهته، كان يحبه حباً شديداً، وبالرغم من حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُسلم. وهذه هي المفارقة التي نراها، أن حكيماً لم يكن عدواً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بل على العكس كان محباً له، وكان يحبه
فعلاً ويقدره، إلا أنه لم يُسلم. إنما نأتي عند الإسلام. أي أن القلب كان فيه شيء بخصوص موضوع الإسلام وتأخر إسلامه إلى ما بعد الفتح. حكيم كانت له الرفادة، والرفادة في البيت هي أحد المهام لتضييف وضيافة ورعاية والاعتناء بالبيت الحرام. فهناك من بيده المفتاح مثل بني شيبة، وهناك من بيده الرفادة، والرفادة كانت بيد حكيم بن حزام ابن خويلد. حكيم شهد بدراً. ونجا منها بأعجوبة،
كان سيُقتل في بدر فسبحان الله ينقذه الله وينقذ غيره في بدر حتى يدخلوا الإسلام بعد ذلك وتختلف حالهم. كان حكيم يقسم ويقول: "والذي نجاني يوم بدر"، يقسم بالله فلا يقول "والله" وإنما يقول: "والذي نجاني يوم بدر" لكذا وكذا إلى آخره. كان حكيم غنياً وكان كريماً. واسعُ الكرمِ وحَمَلَ للحجيجِ وضيوفِ مكةَ على مائةِ بعيرٍ، مائةُ بعيرٍ هذا هذا كثيرٌ، لكنْ حَمَلَ على ذلك وهو في الجاهليةِ، وأعتقَ وهو
في الجاهليةِ أيضاً ولم يدخلِ الإسلامَ بعدُ، أعتقَ مائةَ عبدٍ وهذا مبلغٌ كبيرٌ، فلمّا كان في الإسلامِ حَمَلَ على مائةِ بعيرٍ وأعتقَ مائةَ عبدٍ أيضاً وسألَ رسولَ صلى الله عليه وسلم، يا رسول الله، لقد فعلت وكنت في جاهلية يعني تصدقت وأعطيت وأعتقت وما إلى ذلك، فهل لي من ذلك أجر وأنا كنت على الجاهلية؟ فقال: "أسلمت على ما سلف من خير"، ما دام ربنا ختم لك بالإسلام فإنه يُحسب لك كل مكارم الأخلاق التي كنت عليها. لأنَّ اللهَ يُحِبُّ
مَكارمَ الأخلاقِ، هذا الموقفُ متكررٌ مع سَفانةَ بنتِ حاتمٍ الطائيِّ مع عديِّ بنِ حاتمٍ الطائيِّ. هذه المسألةُ متكررةٌ مع ابنِ جُدعانَ وكان يُحِبُّهُ رسولُ اللهِ وهو لم يُسلِمْ، ومع المُطعِمِ ابنِ عديٍّ وكان يُحِبُّهُ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ وهو لم يُسلِمْ، وكذلك مع حكيمٍ. بن حزام عندما يقول له أسلمتَ على ما سلف من الخير. يا ليت أبناءنا يقرؤون فيفهمون هذا الحال: أسلمتَ على ما سلف من الخير، ويرون كيف كان يعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس. حكيم بن حزام رضي الله تعالى عنه كان عندما دخل
الإسلام في يوم الفتح... كان رجلاً كبيراً تماماً، قناعاته تبلورت وتشكلت وما إلى آخره. فكان في بداية أمره من المؤلفة قلوبهم، والمؤلفة قلوبهم يعني أناس وكأنهم مكتوبون بالرصاص، وربنا سبحانه وتعالى جعل لهم شيئاً من الزكاة تأليفاً لقلوبهم. عين في الجنة وعين في النار، أسلموا ودخلوا رسمياً الإسلام وكل شيء، ولكن يعني ليست بقناعات. راسخة وإيمان قوي بل برؤية قد تكون تميل إلى المصالح أكثر منها إلى العقيدة
والله سبحانه وتعالى يقبل منهم إسلامهم لأن أبناءهم سيتربون تربية صحيحة على العقيدة ويتم نشر الإسلام من غير إكراه ومن غير صدام ومن غير دم فحكيم بن حزام كان من المؤلفة قلوبهم فلما جاءت الغنائم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها عطايا كبيرة كما أعطى صفوان بن أمية حتى قال له: "والله لا يعطي هذا إلا نبي" من الكرم واتساع الأمر. فحكيم بن حزام قال لرسول الله: "أعطني"، فقد أخذ سابقاً ويريد أن يأخذ مرة
أخرى، فأعطاه. فعندما أخذ وجد أن الأمر كما وصفه الله: "أعطني"، ووجد أنها مفتوحة وأنها تزداد. فأعطاه وقال: "يا حكيم، إن هذا المال خضرةٌ حلوةٌ، فمن أخذه بغير وجهِهِ لا يُبارَك له فيه، ومن أخذه من غير طلبٍ بارك الله له فيه". فقال: "والله يا رسول الله، لا أسألُ أحداً بعدك، ولا أرزأُ في مالِه". وفعلاً هو غَنِيَ ثم هذا العطاء الضخم الذي أعطاه رسول الله. صلى الله عليه وسلم
جعله لا يطلب من أحد شيئًا بعد هذا، فكان أبو بكر يرسل إليه حتى يعطيه شيئًا من الأموال المقررة للصحابة، فيأبى ويقول: "لا آخذ من بعد رسول الله كما وعدته شيئًا"، وأبو بكر يشهد عليه ويقول: "هات إذن اثنين من الشهود يشهدون على أن حكيمًا رفض". أن يأخذ منا شيئاً، وكذلك عمر كان يرسل إلى حكيم بن حزام فيأبى أن يأخذ منه شيئاً. عفة النفس، الوفاء بالعهد، الترفع عن الصغائر، إدراك معانٍ عميقة لكلام سيدنا صلى الله عليه وسلم. بمجرد ما قال له: "هذه خضرة حلوة"، ولم يطلب فهم
المسألة لأنه متهيئ لهذا الفهم. كان حكيم... ابن حزام ابنه هشام وهشام أسلم وحسن إسلامه وهو الذي بينه وبين عمر تلك الواقعة المشهورة في قراءة سورة الفرقان، اختلفوا في كيفية القراءة فقال: مَن أقرأك هكذا؟ قال: رسول الله. قال: كذبت. وأخذه إلى رسول الله: يا رسول الله. قال: اقرأ. فقرأ هشام، ثم قال لعمر: اقرأ. فقرأ عمر. قال هكذا نزلت وهكذا نزلت، وهذا إشارة إلى القراءات العشر. هذا ابن حكيم بن حزام الذي نتحدث عنه الآن. حكيم بن حزام حضر تضحية عبد المطلب بعبد الله أبي النبي
صلى الله عليه وسلم، إذاً فلو كان حضر هذا فهذا يعني أنه فعلاً عاش مائة وعشرين سنة، وهذه المدة بالكاد تكفي لهذا الحضور. رضي الله تعالى عنه وأرضاه، حسُن إسلامه حتى أنه في يوم من أيام عرفات أعتق مائة عبد. أيضاً إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مسابقة "درّ الصحابة" والجائزة رحلة عمرة. سؤال حلقة اليوم: من هو الصحابي الذي يفر منه الشيطان؟ عمر بن الخطاب؟ عبادة بن الصامت؟ عبد الله؟ ابن عباس اتصل على رقم محمول ٢٦٠٠ أو من أي رقم أرضي على ٠٩٠٠٩٥٠٠ أو أرسل رسالة على ٩٥١٧٧ أرسل حرف "ع" في بداية الرسالة ثم مسافة ثم رقم الإجابة الصحيحة