#نوادر_الصحابة | الحلقة الرابعة والعشرون | الصحابية " أم هاني بنت ابي طالب "

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع امرأة أخرى من نساء الصحابة الكرام، بل ومن أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مع أم هانئ بنت أبي طالب، تربى معها النبي صلى الله عليه.
وسلم وكانت شقيقة لعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاها. كانت أم هانئ تكبر عليًا وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد خطبها من أبي طالب لكنه لم يزوجه إياها، وخطبها إليه رجل كان على غير الإسلام اسمه هبيرة فتزوجها هبيرة. ولام النبي أبا طالب: "عم لم تحرمني". من أن أتزوج بأم هانئ فقال لأن عائلة هبيرة قد تزوجنا
منها وعادة العرب أن الكريم يكرم، فما دام هم كانوا كرماء فزوجونا منهم فلا بد أن نكون نحن أيضًا كرماء فنزوجهم منا. وهبيرة أحب أم هانئ وكان أبًا لأولادها، وعاشت أم هانئ في مكة، ويبدو أنها أسلمت. قبل الهجرة لكنها لم تهاجر مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم. كان النبي صلى الله عليه وسلم يبيت في بيت أم هانئ لأنه كان بيتاً وسيعاً وهو تربى معها وصلى
بها العشاء في يوم من الأيام ثم صلى بها الفجر كما تروي أم هانئ رضي الله تعالى عنها وأخبرها. عند صلاة الفجر وقال: "يا أم هانئ، صليت بكم العشاء، ثم ذهبت إلى بيت المقدس"، وحكى لها قصة الإسراء. ولذلك فالإسراء تم في ليلة كان يبيت فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أم هانئ. خبير يعرف بإسلام أم هانئ ويعرف مكانة النبي صلى الله عليه وسلم في... قلبها وهو يحب النبي لكنه عاش كافراً ومات كافراً حتى أنه في يوم
الفتح هرب من مكة هبيرة ومات على الكفر ولم نعلم عنه شيئاً بعد ذلك. أم هانئ رضي الله تعالى عنها خافت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقالت له: "يا رسول الله بالله أن تُحدِثوا بها". قريشًا فيكذبوك ويؤذوك، كان ينبغي أن تكون تُحدِّثُهم لأنهم قالوا لا. إن "أن" هنا معناها لا أن تُحدِّث. لا تقل "أن تُحدِّث"، فـ"أن تُحدِّث" معناها أنك أنت تُحدِّث بها قريشًا. لا، أنت تقول "أن تُحدِّث بها قريشًا" بمعنى
أن الله يعني لا تُحدِّث بها قريشًا أو تقول. لا تُحدِّث بها قريشاً يعني ليس هناك حديث لقريش يخرج، فيكون "أن" هنا وكأنها عند الجزم "لا" ناهية، وعند الرفع "لا" نافية، لكن "أن" من إحدى استعمالاتها أن تكون بمعنى "لا"، بالله عليك ألا تُحدِّث بها قريشاً، إياك أن تحدث بها قريشاً، لكن قال: والله لأحدثنَّهم إذاً، فعنده أمر من الله. بالحديث عما حدث في ليلة الإسراء والمعراج، وقد خرج وأخبر واختبره المشركون وخرج كلامه
على جهة الصدق، وتعجبوا وارتد بعض ضعاف النفوس من الإسلام حينئذ، لكن لم يُؤذَ النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أخبرهم بوصف المسجد الأقصى، وأخبرهم بما قد حدث في الطريق، ثم ظهر صدقه لهم. وتعجبوا من هذا الصدق لكن لم يؤذوا النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعض الضعاف، واحد اثنين ثلاثة على الأكثر ارتدوا ولم يصدقوه، وعرضوا الأمر على أبي بكر وقالوا: انظر صاحبك فإنه يقول هكذا، فقال: أصدقه بالخبر يأتيه من السماء أفلا أصدقه في هذا؟
وصدقه أبو بكر فسمي حينئذ بالصديق، أم هانئ. بنت أبي طالب رضي الله تعالى عنها عاشت إلى ما بعد وفاة أخيها الشقيق علي بن أبي طالب، وذهبت بعد ذلك إلى المدينة، وصفا إسلامها وشاع واستقر بعد الفتح. ولما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة لم يجد البيوت التي كانت له، بيت خديجة أو غيره، لم يجدها هناك. فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وهل أبقى لنا عقيل" الذي هو ابن أبي طالب من رباعٍ، يعني أنه باع البيوت كلها، ونزل
عند أم هانئ رضي الله تعالى عنها، وصلى في وقت الضحى ثمان ركعات. ولما صلى ثمان ركعات، قال بعض الناس إنها صلاة للفتح لأنه فتح بلداً. جديداً، فهذه صلاة الفتح وبعض الناس يقول إنها صلاة الضحى لأن النبي حثّ على صلاة الضحى لكنه لم يكن يصليها حتى أن بعض الناس ادّعى أنه لم يصلِّ الضحى أبداً وأن هذا الذي حدث في بيت أم هانئ إنما كان هو صلاة الفتح. فصلاة الفتح ثمان ركعات وليست ركعتين مثلاً. أو كذا سواء أكانت هذه صلاة الفتح أو كانت هذه صلاة الضحى
فإنه صلى عند أم هانئ رضي الله تعالى عنها وأرضاها، النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يسعى بذمتهم أدناهم"، يعني أقل واحد في المسلمين يجوز له أن يعطي التأشيرة لشخص أجنبي أو يُدخل هذا الأجنبي في الجوار مثل. نظام الإقامات هكذا في دول الخليج، أي شخص يسعى بذمتهم أدناهم. فالسيدة أم هانئ حمت اثنين من المشركين في يوم الفتح، وقالت: "هما في جواري". خلاص، العربي أول ما تقول له "هذا في جواري" دخل في الجوار، فلا
يستطيع أحد أن يمسه لأنه في جواري. والسؤال: هل تصلح أم هانئ؟ لأن تكون حامية لبعض المشركين فجاء علي وقال لأقتلنه فشهرت في وجهه السيف. أم هانئ تشهر السيف في وجه أخيها الشقيق سيدنا علي عليه السلام وتمنعه وتقول له: "هؤلاء في جواري" افهم الكلام. قالت: فأبى، قال لها: "ليس هناك شيء اسمه جواري". فذهبت إلى فاطمة عليها السلام فوجدتها أشد من... قال زوجها لها: "لكنَّ عليًّا عنده حقٌّ، ما الذي يجعلك تمنحين هؤلاء الناس الأمان أو تحمينهم؟" فذهبت إلى النبي صلى الله عليه وآله
وسلم، فقال: "يا أم هانئ، أجَرْنا مَن أجَرْتِ". إذن فهؤلاء في حمايتنا، واستنبط الفقهاء أن المرأة تُجير كما يُجير الرجل، لأن النبي صلى الله. عليه وآله وسلم قد أقرَّ واعتمد جوار أم هانئ للاثنين المشركين. هؤلاء معانٍ سامية كبيرة جداً نلحظها في مثل هذه النوادر والمواقف. النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه قد تربى في بيت أبي طالب ولأنه كان على عشرة مع السيدة أم هانئ رضي الله
تعالى عنها وسبق أن طلبها. قبل خبيرة، فلما ذهب خبيرة وهرب النبي صلى الله عليه وسلم، سأل أم هانئ: "هل ترضين بالزواج؟" قالت: "يا رسول الله، إني كنت أحبك في الجاهلية وتعلم حبي لك، أفلا أحبك في الإسلام؟ هذه عشرة، أنت أخي، أنت حبيبي، ولكني أخشى من هؤلاء الصبية". كان عندها... أطفال صغار، أعني أنهم يقلقونك ويجلسون معك وينامون وما إلى ذلك. بعد ذلك هؤلاء الصبية كبروا وشبوا لأنهم كانوا في سن السنتين أو الثلاث
ويكملون. فعرضت نفسها عليه، فقال: "أما الآن فلا"، وذلك لأنها لم تهاجر إلى المدينة. وعندما أباح الله له بنات عمه، اشترط أن تكون ممن هاجرن معه إلى المدينة. ينبغي علينا أن نقرأ المعاني التي وراء المواقف، إلى لقاء آخر، أستودعكم الله.