#نوادر_الصحابة | الحلقة السابعة والعشرون | الصحابية " درة بنت أبي لهب "

#نوادر_الصحابة | الحلقة السابعة والعشرون | الصحابية " درة بنت أبي لهب " - شخصيات إسلامية, نوادر الصحابة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع موقف جديد من مواقف الصحابة الكرام من الرجال أو النساء نأخذ منه العبرة ونعيش حياتهم ومواقفهم وعلاقاتهم بعضهم
ببعض ومع رسول الله ومع الإنسان عامة ومع الأكوان مما حولهم نستخلص منها العبر والدروس والعظات ونحيا بها في حياتنا الدنيا ليفرح قلبنا ونصل إلى سعادة الدارين سعادة الدنيا وسعادة الآخرة. اليوم مع واحدة من أهل البيت الكرام، مع واحدة من الصحابيات الأبرار، مع درة بنت أبي لهب رضي الله تعالى عنها وأرضاها. درة هي بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم، درة أبوها، عادى النبي بالرغم من أنه
أحبه، وكان الناس إذا رأت النبي صلى الله عليه وسلم وقع حبه في قلوبهم، ولكن هذا الانحراف عن الله وعن رسوله أدى بأبي لهب إلى أن عادى رسول الله صلى الله عليه وسلم وآذاه هو وزوجته أم جميل، وكانت تسمى أروى نزلت فيهما آياتنا القرآنية: "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ، مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ، سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ، وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ، فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ"، وهو قرآن لم يحذفه النبي لأن القرآن ليس من عنده، ولم
يقل بنسخه أو بتغييره، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليفعل ليستطيع أن يفعل هذا. إنَّا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون. وما كان للنبي صلى الله عليه وسلم أن يفعل هذا لأن الله أراده هكذا مصطفى مختار سيد الأكوان صلى الله عليه وسلم. لا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزى. على هذا السعي والعمل الجزاء الأوفى. فضة بريئة من أبيها، أسلمت وحسن إسلامها، ومات زوجها الذي كان كافراً، فهاجرت بعد إسلامها
إلى المدينة المنورة. ولما وصلت المدينة تزوجت برجل من أجمل العرب كان يُسمى دحية الكلبي. وكان دحية الكلبي هو الذي كان جبريل عليه السلام يأتي متمثلاً في صورته. يتمثل بصورة دحية الكلبي لجماله وحلاوة منظره وبهائه ومكانته عند العرب. كان دحية الكلبي أيضاً يعمل سفيراً في خارجية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي يرسل الرسائل إلى الآفاق. أرسله إلى قيصر، إلى هرقل ومعه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم: "من
محمد بن عبد الله رسول الله ذهب دحية الكلبي إلى قيصر أو إلى رجل ملك قوم هرقل، وكان قد تزوج بدرة رضي الله تعالى عنها وأرضاها. ذهب إلى قيصر ووقف ببابه وقال للحاجب: "قل له إني رسول الله صلى الله عليه وسلم". ودخل على هرقل، وكان هرقل يتيقن أن جميع صفات النبي هي متوفرة في محمد صلى الله عليه وسلم حتى أنه أتى بكبير الأساقفة وقال له ما رأيك في هذا، فقال: هذا هو النبي الذي بشرنا به موسى وعيسى، وإني أصدقه. فقال: لكنني لا أستطيع
وإلا قتلتني الروم وذهب مُلكي. وهكذا سمع دحية هذا الحوار، الإقرار بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن الدنيا قد منعت هرقل من الإسلام وإعلان الإسلام خوفاً من تداعيات الموقف داخل مملكته وخوفاً أيضاً من ذهاب مُلكه. دحية رضي الله تعالى عنه، يقول عمر: دخل علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يعرفه أحد منا، وليست عليه آثار السفر، أشبه ما يكون بدحية الكلبي، ثم سأل. رسول الله ما الإسلام ما الإيمان ما الإحسان وعن الساعة وعن علامتها وعن
القدر خيره وشره فلما ذهب الرجل هذا قال رسول الله أتدرون من هذا قالوا لا يا رسول الله قال هذا جبريل جاءكم يعلمكم أمر دينكم فدحية الكلبي هذا هو زوج السيدة درة رضي الله تعالى عنها وأرضاها. مرةً بعدما هاجرت درة عليها السلام إلى المدينة، آذاها بعض النساء وقلن لها على سبيل السخرية: "السيدة ابنة أبي لهب الذي قال الله فيه: تبت يدا أبي لهب وتب، فماذا تنفعك هجرتك وعملك وأنت أبوكِ مذكور في القرآن وهو من أهل النار؟" فبكت درة قائلة: "ما لي وما له". فذهبت إلى
النبي صلى الله عليه وسلم تشكو له، فقام النبي بعد ما صلى العصر وجمع الناس وقال: "ما لكم تؤذوني في أهلي؟ ألا إن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي". كل الأنساب منقطعة، لن ينتفعوا بشيء إلا السبب الخاص بي ونسبي، يعني رسول الله سينفع أقرباءه. وقد آمنتُ وهاجرتُ وأسلمتُ، فلماذا تفعل ذلك هكذا؟ ويبدو أنه في موقف آخر، تحدث بعض الناس بسوء عن السيدة درة فذهبت تشكو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ألا لا يعيرن حي بميت". وفي مرة ثالثة أيضاً وقعوا فيها، فقال: "لمَ تؤذونني في أهلي؟ فوالله إني ليمسُّ مني الخير والحكم وهي قبائل يمنية يعني بعيدة، ولكن لأنه من العرب فهو يدعو لقبائل العرب، والعرب يتزوج بعضهم من بعض وفيهم نسب، وفضل رسول الله يسري في هذا وينفع كل هؤلاء، حتى أنه وصفه ربه بأنه "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين". كانت في موقف من المواقف
السيدة درة مع السيدة عائشة. رضي الله تعالى عنها وأراد النبي أن يتوضأ فتسابقت السيدة عائشة تجري نحو درَّة ضُرَّة تجري نحو الماء لكي يحضرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويصبا عليه الماء، درَّة ضُرَّة وأخذت الماء وجلست توضئ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتوضأ الرسول صلى الله عليه وسلم ثم قال لها: "أنتِ مني وأنا منكِ"، فأشعرها بالأمان ومسح عنها حزن هذه الغربة وحزن أن ذُكِر أبوها بهذه الصفة الذميمة
في القرآن. ذُكِر في القرآن لأنه عادى النبي وآذى النبي، بالرغم من أن أبا لهب عندما جاءت السيدة آمنة وحضرها المخاض والولادة، أرسل إليها ثويبة، وكانت ثويبة عند أبي لهب وجاريةً عند وثويبة حضرت ميلاد النبي الشريف صلى الله عليه وآله وسلم، وذهبت إلى أبي لهب تبشره أن آمنة وضعت مولودها بالسلامة. فسيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وُلِدَ على يد ثويبة هذه، فأعتقها أبو لهب. أبو لهب أعتق ثويبة فرحاً بقدوم
النبي صلى الله عليه وسلم، وهو سُمِّي بالمناسبة. سُمّي أبو لهب بهذا الاسم لأن وجهه كان أحمر، وليس لأنه سيدخل النار أو ما شابه ذلك أبداً. كان وجهه أحمر جداً فكانوا يسمونه بأبي لهب. وما زال هناك ريع في مكة يُسمى بريع أبي لهب، وذلك لأنه كان يملك هذا الريع. فكلمة "لهب" هنا لا علاقة لها بالنار، وإنما علاقة بشكل السيدة دُرّة، إذا نأخذ من قصتها ومن حالها أن وازرة وازرة وزر أخرى، وأن الإنسان ليس بآبائه بل بنفسه وعمله، وأن الحب هو
الذي يسيطر على الموقف كله، وأن الهادي هو الله سبحانه وتعالى، فتوكل على الله، فمن توكل على الله كفاه. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.