#نوادر_الصحابة | الحلقة العشرون | الصحابي " سليك بن عمرو "

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نوادرهم ومواقفهم وأحوالهم في ما لا يعرفه كثير منا وكان أساساً لحياة سعيدة نتجاوز. بها الهمة
والغم والأزمات التي قد نتعرض لها في عصرنا الحاضر. اليوم مع رجل من البادية كان فقيراً وكان كما قيل في العربية صعلوكاً واسمه سليك من غطفان، فكان يُسمى بسليك الغطفاني. كان سليك رضي الله تعالى عنه وأرضاه رجلاً بسيطاً من البادية وكان فقيراً، وجُلّ أهل البادية كانوا من أصبح الفقراء سليك موضوعاً لنقاش المجتهدين الفقهاء أصحاب المذاهب الكبرى كالشافعي وأبي حنيفة ومالك ونحوهم، وذلك أنه أتى يوماً والنبي
صلى الله عليه وسلم يخطب، وهو يخطب دخل سليك فجلس والنبي يخطب، أي لم يصلِ لله ركعتين، فقال له: "يا سليك، هلا قمت فصليت ركعتين"، يعني تحية المسجد. الإمام مالك. عندما ورد إليه هذا الحديث وهو حديث صحيح قال: "أنا الآن بين أمرين، الأمر الأول هو أننا في المدينة رأينا أولاد الصحابة وهم كُثر ممن أتى منهم متأخراً والخطيب يخطب يوم الجمعة فإنه لا يصلي بل
يجلس مباشرة لأن استماع الخطيب أولى من الانشغال بالصلاة، وكون أن كل أولاد الصحابة..." يفعلون هذا معناه ببساطة أن الصحابة كانوا يفعلون هذا، ولذلك فعندنا أحاديث كثيرة أو توثيق أكثر من قِبَل أن أولاد الصحابة كلهم الذين يرون فعلهم هذا عن الصحابة لم يكونوا يفعلون ذلك، بل إن الحديث الذي ورد عن سُلَيك هو أنه جلس هو أيضاً، فكانت هذه هي العادة، ولعل قول... النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قم فصلِّ ركعتين". كان
ذلك لغرضٍ آخر، ليس هو غرض تحية المسجد أثناء خطبة الخطيب. فسألناه: "يا فضيلة الإمام مالك، لماذا تقول هذا وهو كلام صريح: قم فصلِّ ركعتين؟" قال: "كان سليك صعلوكًا فقيرًا من البادية، فأراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن ينبه..." علِمَ الناسُ أنَّ سُلَيكاً قد وصلَ، وكان بعضُ الصحابةِ يعرفُ هؤلاءِ الفقراءَ من المسلمين، فيدَّخِرُ لهم شيئاً عندهُ حتى إذا أتى أعطاهُ لهُ كصدقةٍ أو معونةٍ أو مساعدةٍ أو هديةٍ أو نحو ذلك. فحتى يُنبِّهَ الناسَ لقدومِ سُلَيكٍ قال له: "قُمْ
فصلِّ ركعتين"، فيَعلمُ كلُّ مَن في المسجدِ بطريقةٍ مؤدَّبةٍ. لطيفة رقيقة أن سليكاً قد وصل وأن من كان مدخراً عنده شيئاً لإعطائه لسليك فليعطه إياه، ولذلك هنا كان العجب يقع في قلب سليك أن النبي يحفظ اسمه أصلاً وأنه يتذكره وأنه يناديه باسمه أمام المجموع ويأمره بطاعة الله سبحانه وتعالى أو بهذا الفعل من الطاعات وهو صلاة ركعتين الإمام. الشافعي يرى في قصة سليك رأياً آخر وهو أنه حديث صريح وأن عمل أهل المدينة ليس بحجة أمام الأحاديث
القولية، والنبي صلى الله عليه وسلم أرشد من دخل سواء كان سليكاً أو غير سليك أن يقوم فيصلي لله ركعتين، فمن دخل أثناء الخطبة فليصل ركعتين خفيفتين ثم بعد ذلك يستمع. إلى الخطيب حتى يستمع إلى الموعظة التي يريد أن يبلغها الناس يوم الجمعة، وهذا أمر واضح وصريح ولا يحتاج إلى أن نبحث لمقالة لسليك هذا كما بحث الإمام مالك، ولا أن نجعل هناك معارضة بين عمل أهل المدينة وبين الحديث الصريح. هكذا فكر الإمام الشافعي فقال بأن كل من دخل والإمام يخطب فعليه أن
يصلي ركعتين ثم يجلس، ويُسن له أن تكون هاتان الركعتان خفيفتين وسريعتين حتى يتفرغ لسماع الخطبة. النبي صلى الله عليه وسلم هل فعل هذا مع غير سليك؟ ورد في الأحاديث أن رجلاً قد جاء وعليه ثياب بذة، أي ثياب ضعيفة مهلهلة، فقال... قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قم فصلِّ ركعتين"، فقام فصلى ركعتين، ثم أمر الناس في الخطبة بالصدقة. ففهم أحد الصحابة الذي كان يرتدي ثوبين
أن رسول الله كأنه يحثهم على أن يعطوا أخاهم جلباباً أو ثوباً حتى يكون أكثر ستراً وأكثر جمالاً واستعداداً، فخلع أحدهم ثوبه ورماه فقال. قال النبي للرجل: "خذه، خذه"، فأخذه الرجل ولبسه وفرح به. وهناك حديث يشبه هذا مع رجل آخر. إذاً، فقضية التنبيه لوجود الفقراء كانت موجودة. وهذا معتمد الإمام مالك الذي يحاول أن يقول لنا أن هذا كان لغرض آخر غير الغرض الذي
هو أن نصلي ركعتين إذا دخلنا ووجدنا الإمام يخطب يوم. الجولة والذي جرى عليه أهل مصر في عمومهم هو كلام الإمام الشافعي، وذلك أن كل من يدخل والإمام يخطب فإنه يصلي لله ركعتين. سليك اسم من أسماء العرب الشائعة في أدبيات العرب وفي البادية على وجه الخصوص، وكان من صعاليك العرب شخص اسمه سليك بن السلكة، وسليك بن السلكة له. طرائف ومواقف كثيرة، لكنه كان ممن
يطلق عليهم العرب شيطانًا من شياطين العرب. كانت له كفاءات وقدرات جسدية شديدة، وكان سليك بن السلكة عندما كبر في السن وبلغ التسعين، قالوا له: "ماذا بقي لك من قوتك يا سليك؟" لأنه كانت تُروى عنه أساطير. هذا سليك بن السلكة وكان من... الشطار أي من الفاسدين ومن اللصوص الذين يسرقون الإبل ويجرون بها مسافات كبيرة ومدى طويلا، فقال لهم: "ائتوني بدرعين"، فلبس درعين خلف خلاف، و"ائتوني بعدائي القبيلة"، فجاءوا له بعشرة من السابقين،
ففاز عليهم وهو فوق التسعين، وقال: "هذا ما بقي لي من قوتي". فسليك اسم من أسماء العرب الشهيرة التي... كانت تنتشر خاصة في البادية، نأخذ من حديث سليك أموراً، نأخذ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل أصحابه كل واحد منهم على حدة، وكل واحد منهم يظن أن النبي لا يعرف إلا إياه وليس له إلا الخصوصية الشديدة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُشعر كل صحابي بذلك.
وكان بعض الصحابة يقول: "والله منذ أن أسلمتُ والنبي صلى الله عليه وسلم لم يحجبني قط، يعني لم يستأذن عليه بالدخول إلا وأدخلني إليه، وكأنه صديق حميم لي، وما رآني إلا وتبسم في وجهي". يقول عنه أنس: "والله ما نهرني" - أنس خادم النبي إحدى عشرة سنة ومعه عشر سنوات. جلس حتى أصبح عمره بضعاً وعشرين سنة، فقال له: ما نهرني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته قط. إذاً في حديث سليك نرى الحب، ونرى أن
المعاني ليست في الشكل ولا في الفقر، ونرى أن شخصاً لا يمكن للتاريخ أن يذكره قد ذُكِرَ وأصبح محوراً للنقاش الفقهي. وكل هذا من فضل الله ومن نعمة الله، فالإخلاص والتوكل على الله سبحانه وتعالى هو الأساس الذي يجب عليك أن تتمتع به، والله يهدينا وإياكم إلى سواء السبيل. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام
عليكم.