طريقنا إلى الله | ح28 | المرتضى الزبيدي ج2 | أ.د. علي جمعة

إذاعة جمهورية مصر العربية من القاهرة تقدم طريقنا إلى الله، طريقنا إلى الله مع فضيلة الدكتور علي جمعة. الإعداد والتقديم: أحمد بشتو، إخراج: هيام فاروق. مستمعينا الكرام، أهلاً بحضراتكم في هذه الحلقة الجديدة مع ضيفنا فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف. فضيلة الدكتور، توقفنا في... الحلقةُ الماضيةُ عند المرتضى الزبيدي العالمِ والموثقِ والمؤرخِ والذي قامَ بدورٍ كبيرٍ في تأصيلِ اللغةِ العربيةِ
وأثرِها في زمانِه وزمانِنا أيضًا. بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا رسولِ اللهِ وآلِه وصحبِه ومن والاهُ. الإمامُ المرتضى الزبيدي محمدُ بنُ محمدٍ بنِ محمدٍ المُلقبُ بهذا اللقبِ وهو حسينيٌّ. النَّسَبُ، وهو مولودٌ في سنة ألف ومائة وخمسة وأربعين، وتوفي سنة ألف ومائتين وخمسة، أي صغيراً تقريباً عن ستين سنة، يعني لم يكن طاعناً في السن. كان للإمام مشروع، وبعد تطوافه كما ذكرنا في حلقة سابقة إلى الهند والعراق والحجاز وبلدان المسلمين، جاء إلى مصر،
وجاء إلى مصر بناءً على تشويق. من الشيخ العيداروس يقول: شوقني للدخول في مصر ووصف لي علماءها وأمراءها وأدباءها وما فيها من المشاهد الكرام، فاشتاقت نفسي لرؤيتها فجاء إليها فمكث بها. يعني انجذب إلى مصر ولم يستطع بعد ذلك الخروج منها، وحضر عند الإمام الملوي وحضر عند الجوهري والحفني والصعيدي، الشيخ علي الصعيدي، وكان يعني زميلاً للإمام. الدردير وللمدابغي الشافعي حسن المدابغي وغيره، لكنه كما
ذكرنا كان له مشروع أكمل به مشروع عبد القادر البغدادي الذي اهتم باللغة وقال: لا بد أن نهتم باللغة ونضيف إليها التوثيق حتى نصل إلى عقلية الفكر المستقيم، ونضيف إلى هذا الأخلاق. ثلاثة أشياء: الأول اللغة، والثاني التوثيق، والثالث الأخلاق، وبدأ مشروعه. هذا في صورة تأليف الكتب وفي صورة تدريس العلماء وفي صورة نشاط اجتماعي من أجل الوصول إلى
ما يُسمى، أو الذي نسميه في أدبياتنا الحديثة، نهضة الأمة. رقم واحد: شرح القاموس المحيط للفيروزآبادي. الفيروزآبادي بذل مجهوداً كبيراً جداً في جمع اللغة العربية، وكل ذلك خدمةً لكتاب الله. وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصبح كتاب الفيروزآبادي المسمى بالقاموس المحيط والقاموس الوسيط فيما ذهب من لغة العرب الشماطيط أصبح حجة في مجال اللغة العربية. فأخذ هذا الكتاب الذي هو في أعلى مكانة وشرحه في أربعين مجلداً، وسمى الشرح "تاج
العروس الحاوي من جواهر القاموس"، أربعين مجلداً. يشرح فيها كلمة كلمة وعبارة عبارة باستفاضة كبيرة جداً، الغرض منها بناء الملكة اللغوية لدى الدارسين حتى نصل بهذه الملكة اللغوية إلى الفكر المستقيم. تكون أداة عندما تريد أن تحسّن مجالاً من التصوف في مجال الأخلاق، ولم يجد
أحسن من شرح إحياء علوم الدين في مجال التوثيق، إحياء علوم الدين. توجد أحاديث كثيرة، ما مدى صحة هذه الأحاديث؟ اهتم العلماء قديماً مثل الإمام العراقي بتخريج أحاديث الإحياء، فخرجوها وتوسعوا في إخراجها. فجاء المُجتَهِد الزبيدي وشرح الإحياء كله مهتماً بأمرين: التوثيق والأخلاق. وذلك حين طُبع الكتاب على الطريقة القديمة طُبع في عشر مجلدات، ولو طُبع بالطريقة الحديثة لوقع في أربعين مجلداً. أيضاً تصبح أربعين مجلداً للغة وأربعين مجلداً للتوثيق والأخلاق، وبدأ في الطريق،
وعندما مضى في قضية الطريق ألّف كتباً كثيرة جداً في توثيق الطريقة وفي شرح الطريقة. فكان إماماً نحتاج إليه إلى الآن، وإلى كتبه، ونحاول أن نخرجها من دور المخطوطات إلى المطبوعات حتى يستفيد الناس من هذا العلم. أراد الفياض أن يعلم الناس الحديث، فأتى بالبخاري وقال: "سوف أجعل عوام الناس يحفظون البخاري بأسانيده"، فتعجب الناس. هذه الأسانيد هي عمل العلماء. البخاري بينه وبين النبي أحاديث فيها ثلاثة أشخاص فقط
تُسمى بثلاثيات البخاري. فأتى المرتضى الزبيدي لهذه الأحاديث بواحد وعشرين حديثاً وعلّمها للناس، وهي سبعة أحاديث مكررة. السنوات سبع سبع فقط مكررة فحفظها للناس، ثم بات يدرس هذا في القلعة ولكنه لم يكمل الرباعيات فالخماسيات فالسداسيات، لكن كان هذا هو دأبه. إذاً هؤلاء الناس كانوا يعملون إلى آخر لحظة في حياتهم، كان لديهم تفكير خارج الصندوق إن صح التعبير بأدبيات عصرنا، كانوا لديهم تعلق بالله سبحانه. وتعالى كانت أعمالهم وعلمهم تهدف إلى الله مخلصين له
الدين ولو كره الكافر، رضي الله عنه. ومكررين شكر فضيلة الدكتور أشكره جزيلاً، وغداً إن شاء الله تجدوننا في الموعد إن شاء الله. كنتم مع برنامج "طريقنا إلى الله"، مع تحيات أحمد بشتو وهيان فاروق.