الغفور | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة

الغفور | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة - اسماء الله الحسنى, تصوف
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع اسم من أسماء الله تعالى، ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، نعيش هذه اللحظات مع اسمه الغفور، وهو اسم مما ورد في حديث أبو هريرة رضي الله تعالى عنه الحديث المشهور إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة والغفور على وزن فعول وهذا الوزن وزن من صيغ المبالغة أي أنه سبحانه وتعالى له الغاية العظمى والنهاية القصوى في المغفرة فهو يغفر لمن يشاء إن الله لا
يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، حذرنا من أن نكفر به سبحانه وتعالى، ثم بعد ذلك إذا صدر من أحدنا خطأ أو خطيئة فإنه يعفو ويصفح ويغفر ويخرجنا من دائرة الذنب إلى دائرة الرضا ومن التقصير إلى دائرة القبول، وهو سبحانه وتعالى غفور، وفي الحديث القدسي يا ابن يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم أتيتني تائبا لغفرت لك، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول كل بني آدم خطاء أي كثير الخطأ وخير الخطائين التوابون، فالإنسان يصدر منه الخطأ بصورة دائمة
لكن يجب عليه أن يبادر بالتوبة والله سبحانه وتعالى يتقبله وهذا الحديث الذي يذكر سبحان الله تعالى إننا لو بقراب الأرض ذنوبا أي بما فيها من أوعية للماء والماء أكثر من اليابسة، هناك أيضا ما هو أشد من هذا وهو رواية إذا جاءني بقراب الأرض ذنوبا فسواء أكان هذا أو ذاك فهو من فضل الله، تخيل أنك قد أحصيت قطر البحر فهل يتساوى البحر مع عدد الثواني
التي يعيشها الإنسان، إذا عاش الإنسان مائة سنة وهذه المائة كل سنة ثلاثمائة وخمسة وستون يوما في السنة البسيطة، فصارت ستة وثلاثين ألف يوم، فلو ضربناها في الساعات والدقائق والثواني تخرج رقما هو أقل بكثير جدا من دلو مملوء ماء، فما بالك بالبحار والمحيطات لو جئت إلى الله بذنوب قدر هذا المقدار من الماء أو بذرات التراب، ذرات التراب إذا أخذنا نصف متر مكعب وعددنا ما فيه من ذرات التراب يكون أكثر من الثواني التي يعيشها الإنسان لمدة مائة سنة، فهل
تستطيع أيها الإنسان أن تعصي ربك بصورة دائمة؟ وما هذه المعصية التي تداوم عليها ودائما لمدة مائة سنة هذا أمر غير متصور وبالرغم من ذلك فإن الله يقول على فرض أن تستطيع أيها الإنسان أن تعصي ربك بهذه الطريقة الشاذة التي هي مستحيلة في واقع الحياة فإذا فعلت ذلك ثم طلبت المغفرة فإن الله غفور وكلمة غفور تعني يغفر كل ذلك وفجأة ويخرجك فجأة كمن اغتسل وغسل ما عليه من قذر أو تراب فإنه يخرج بعد هذا الاغتسال نظيفا لا شيء عليه، ولذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:
اللهم اغسلنا بالماء والثلج والبرد، اللهم نقنا من خطايانا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. نعم إنها إرادة الله ولكن الله يخبرنا حتى لا نيأس من أنفسنا حتى لا نستعظم الذنب في جانب الله فننسى الله سبحانه وتعالى، حتى ولو كان ذلك خجلا منا. الله سبحانه وتعالى يأمرنا أن نعود إلى حظيرة قدسه وإلى دائرة طاعته، فاللهم يا ربنا انقلنا من دائرة المعصية إلى دائرة الطاعة واجعلنا حيث تشاء وترضى، اللهم يا الله. استر عيوبنا واغفر ذنوبنا ووحد قلوبنا نلتجئ إليك بأنك أنت الغفور إن تغفر وترحم وتعفو
عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم